بازگشت

اليد التي امتدت لقتل الحسين لم تتورع عن غيره


ان اليد التي امتدت للحسين عليه السلام بتلك الجرأة لم تكن لتتورع عن ضرب غيره مهما بلغ مركزه، و هو لن يبلغ مركز الحسين علي أية حال.

و هكذا فان الامام زين العابدين رأي أن الدور الذي كان جديرا أن يمارسه في تلك المرحلة هو تعميق الرسالة فكريا و روحيا للأمة و تحصينها و حفظها من الانهيار.

و هكذا جعل من نفسه مدرسة تلقي عنها آلاف الطلبة علومهم الاسلامية و تحلقت حوله مجموعة منهم أشرنا الي بعضهم في هذا الفصل، و قد كانت تلك العلوم كفيلة بترسيخ و توضيح نهج الرسول و آل بيته عليه السلام بعيدا عن مطبات مرتزقة الدولة من (العلماء و الفقهاء و المحدثين..)، و كانت أساسا لجامعة اسلامية كبري ازدهرت في عهدي الباقر و الصادق عليهم السلام و بقية أئمة آل البيت، و كانت كفيلة بحفظ تراث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و الاسلام من الضياع و الاندثار.

كما كانت حياته طافحة بالدعاء و المناجاة الحميمة لله سبحانه و تعالي و هو أمر من شأنه ضخ قوة روحية كبري يتحصن بها المسلم من الانحراف و الخطأ، و يشكل مراجعة يومية مستمرة يقوم بها نفسه و يحميها من الزلل و الظلم، و يدرك معها أن القوة الوحيدة التي يجب الخضوع لها و احترامها هي القوة الالهية المطلقة العادلة التي جسدها الاسلام المحمدي لا الاسلام الأموي الذي يقوم علي حماية العصبة الحاكمة


من آل أبي سفيان و أعوانهم، و ان الحاكم الجدير بالاحترام و الحب هو الذي يقترب من خط محمد و آله عليهم السلام، و يعاملهم بالاحترام الجدير بهم.

و قد أشرنا في هذا الفصل الي نهجه بتذكير الناس بثورة الحسين و محاولة ربط الناس بها من خلال قيامه بعقد مجالس العزاء بين خاصته و في بيوت آل أبي طالب، و قد أخرج تلك المجالس من الطابع الشخصي - باعتبار أنه هو الذي أصيب بمصيبة والده عليه السلام الي الطابع الجماهيري العام عندما قطاعات واسعة من المسلمين تتعاطف مع الحسين و تحزن عليه و تذرف الدموع في مناسبات ذكري استشهاده، و كان ذلك الربط العاطفي كفيلا بجعلهم يستعيدون فصول تلك الثورة و الظرف الذي تمت فيه، بل و ضرورة قيامها علي يد الحسين عندما كانت الاجراء الوحيد الذي كان يستطيع القيام به لمواجهة الانحراف.