بازگشت

بعد الطف: تمادي دولة الظلم في الجرائم


كان الحسين عليه السلام يتوقع أن تتمادي الظلم الأموية في جرائمها و انحرافها و أن تقدم علي سفك المزيد من الدماء بعد أن لم تهب قتله و رأته أمرا عاديا و بعد أن تمر الجريمة دون ردع قوي من قبل الأمة؛ و هو ما حصل فعلا، مرت الجريمة دون عقاب و بدا أقطابها سعداء بما حققوه و بدوا مستعدين لارتكاب المزيد من الجرائم و حمامات الدم اذا ما بدا لأحد أن يقف في وجوههم و يعترض مسيرتهم التي بدت قوية كاسحة.

في ذلك الظروف، و في غمرة شعور يزيد و أقطاب حكمه بالنشوة و القوة و استتبات الأمور لصالحهم، أعلن أهل المدينة ثورتهم ضده، و هو توقيت بدا غير موفق في ذلك الحين، لأن المدينة لم تكن تتمتع بالقوة التي كانت تتمتع بها الشام المتلهفة و المندفعة للبطش بكل أعدائها، و المدينة - لا شك - كانت في مقدمة قائمة الأعداء.

لم تكن الثورة مدروسة، كما أن نتائجها المتوقعة لن تبدو بمثل النتائج التي حققتها أو سوف تحققها ثورة الحسين، و كل ما حققته هو أنها أثبتت صحة ما رآه الحسين عليه السلام في دولة الأموية اليزيدية.

لقد أراد الحسين عليه السلام كشف انحراف تلك الدولة و ابتعادها عن الاسلام و عداواتها له، و كان ثمن ذلك دمه و دماء أصحابه الزكية، و قد نجح في ذلك نجاحا باهرا، و نجح بعزل جماهير الأمة عن القيادة المنحرفة، و ان بدت تلك الجماهير في الظاهر غير معترضة علي ممارساتها و شذوذها.