بازگشت

تأول فأخطأ.. هل هذه فرحة


و يروح أولئك الراتعون في خيرات الدولة و نعيمها و بحبوحتها يخففون من آثار الكارثة التي حلت بالمسلمين في واقعة الحرة، و يحملون (الرافضة) مسؤولية شن حملة ظالمة علي يزيد الذي لم يكن (زنديقا)، و كان مجرد فاسق و عابث و شارب للخمر و تارك للصلاة، (... و لما خرج أهل المدينة عن طاعته و خلعوه و ولوا عليهم ابن مطيع و ابن حنظلة لم يذكروا عنه، و هم أشد الناس عداوة له الا ما ذكروه عنه من شرب الخمر و اتيانه بعض القاذورات، و لم يتهموه بزندقة كما يقذفه بذلك بعض الروافض) [1] أما هم، فقد (حملوا ما صدر عنه من سوء التصرفات علي أنه تأول فأحطأ، و قالوا: انه كان مع ذلك اماما فاسقا، و الامام اذا فسق لا يعزل بمجرد فسقه علي أصح قولي العلماء، بل و لا يجوز الخروج عليه، لما في ذلك من اثارة الفتنة و وقوع الهرج و سفك الدم الحرام و نهب الأموال و فعل الفواحش مع النساء و غيرهن و غير ذلك مما كل واحدة منها من الفساد اضعاف فسقه كما جري مما تقدم الي يومنا هذا...) [2] .

و هكذا فان المسؤول الوحيد عما وقع لأهل المدينة هم أهل المدينة، و لا شأن


لأحد سواهم بذلك، و أخرجوا لنا قصة جعلوا ابن عمر بطلا لها و رووا لنا عن لسانه أحاديث ادعي أنه سمعها من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لربما ادعي ذلك فعلا لكسب ود يزيد أو دفع أذاه.

(لما خلع الناس يزيد بن معاوية، جمع ابن عمر بنيه و أهله، ثم تشهد ثم قال: أما بعد، فانا بايعنا هذا الرجل علي بيع الله و رسوله، و اني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان، و ان من أعظم الغدر الا أن يكون الاشراك بالله أن يبايع رجل رجلا علي بيع الله و رسوله ثم ينكث بيعته...) [3] .

و يروون عن ابن عمر أيضا قوله عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: (من نزع يدا من طاعة، فانه يأتي يوم القيامة لا حجة له، و من مات مفارق الجماعة فانه يموت ميتة جاهلية) [4] .

و هكذا جعلوا ليزيد الحق فيما فعل. و لعلهم حملوا ابن عقبة وحده مسؤولية ما وقع لأهل المدينة، الذين كانوا مسؤولين بدورهم لأنهم غدورا بيزيد الذي بايعوه علي بيع الله و رسوله ثم نكثوا بيعتهم لمجرد أنه كان فاسقا.


پاورقي

[1] المصدر السابق 235 / 8 و مع ذلک يقول عنه: (و قد روي ان يزيد کان قد اشتهر بالمعازف و شرب الخمر و الغناء و الصيد و اتخاذ الغلمان و القيان و الکلاب و النطاح بين الکباش و الدباب و القرده، و ما من يوم الا يصبح فيه مخمورا. و کان يشد القرد علي فرس مسرحه بحبال و يسوق به، و يلبس القرد قلانس الذهب و کذلک الغلمان، و کان يسابق بين الخيل، و کان اذا مات القرد حزن عليه. و قيل ان سبب موته انه حمل قرده و جعل ينقزها فعضته، و ذکروا عنه غير ذلک، المصدر السابق / 239 / 8.

[2] نفس المصدر 227 / 8.

[3] نفس المصدر السابق 236/ 8.

[4] نفس المصدر السابق 236/ 8.