بازگشت

اباحة المدينة: هل كان مجرد خطأ


و نعود الي ما ذكره المؤرخون حول اباحة المدينة، و تعليق بعض السلف علي ذلك، (أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف، مسرف بن عقبة - قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله - المدينة ثلاثة أيام، كما أمره يزيد، لأجزاه الله خيرا، و قتل خلقا من أشرافها و قرائها و انتهب أموالا كثيرة منها، و وقع شر عظيم و فساد عريض علي ما ذكر غير واحد، أباح المدينة يقتلون من وجدوا من الناس و يأخذون الأموال، و وقعوا علي النساء، حتي قيل أنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج.

و قد أخطأ يزيد خطأ فاحشا في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، و هذا خطأ كبير فاحش، مع ما انضم الي ذلك من قتل خلق من الصحابة و أبنائهم، و قد تقدم أنه قتل الحسين و أصحابه علي يدي عبيدالله بن زياد، و قد وقع في هذه الثلاثة أيام من الفاسد العظيمة من المدينة النبوية ما لا يحد و لا يحد و لا يوصف مما لا يعلمه الا الله عزوجل. و قد أراد بارسال مسلم بن عقبة توطيد سلطانه و ملكه و دوام أيامه من غير منازع، فعاقبه الله بقبض قصده و حال بينه و بين ما يشتهيه، فقصمه الله قاصم الجبابرة، و أخذه أخذ عزيز مقتدر) [1] .

لقد انتفضت المدينة، غير أن انتفاضتها قمعت بقسوة، و لرب من يتساءل عن مشروعيتها و يقيسها بالمكاسب التي ربما قد حققتها. كما يقيس نجاحها بذلك أيضا، و طالما أن الثورة قد فشلت عسكريا، و بقي يزيد في الحكم خليفة (و أميرا للمؤمنين)، فانه لابد أن يكون علي حق، و من ثاروا عليه باطل، ماداموا لم يستطيعوا تحقيق نصر عسكري و ماداموا قد قتلوا و أرسلت رؤوس قادتهم الي يزيد.

و بعد أن (جازفوا) بالتعرض لقوة أكبر من قوتهم، و هي قوة الدولة الأموية الكبيرة المستطيلة الممتدة.



پاورقي

[1] ابن‏کثير 225 - 223 / 8.