بازگشت

لا عذر في السكوت عن يزيد و دولته المنحرفة


لم يجد أهل المدينة عذرا للسكوت عن ذلك، حتي انهم، علي حد تعبير عبدالله بن حنظلة الغسيل خافوا أن يدموا بالحجارة من السماء ان هم سكتوا أكثر من ذلك. لم يكن سكوتهم عن يزيد بدافع من توقعهم أنه قد يحسن سلوكه في المستقبل و يكون علي مستوي مسؤوليته كقائد للدولة الاسلامية، بل كان ذلك لأنهم لهم يجدوا في أنفسهم القدرة علي مواجهته و رفضه، و كانت نتيجة ذلك أنه تمادي في استهتاره الي أبعد حد فأقدم علي قتل الحسين و أصحابه و قطع رؤوسهم و التمثيل بجثثهم، في سابقة لم تعرف في الاسلام من قبل.


و كان استمرار يزيد و عماله و أتباعه و حاشيته علي انتهاج ذلك السلوك المشين، أكبر حجة علي هذه الأمة، تدينها، و تجعلها تدرك حقا قد أخطأت خطأ لا سبيل الي اصلاحه الا بازالة يزيد.

لم تكن المدينة - رغم وجود الأحزاب فيها - تنظر الي الاسلام كما ينظر الذيه أهل الشام، و لم يكن شعور أهلها بالمسؤولية تجاه ما يحدث أمامهم، كشعور أولئك الذين أرادهم معاوية أن يكونوا كيزيد بل و أسوأ منه.

لقد استدركت المدينة أمرها فوثب أهلها علي (عثمان بن محمد بن أبي سفيان و من بالمدينة من بني أمية و مواليهم، و من رأي رأيهم من قريش، فكانوا نحوا من ألف رجل، فخرجوا بجماعتهم حتي نزلوا دار مروان بن الحكم، فحاصرهم الناس فيها حصارا ضعيفا) [1] .

و من هذا نعلم أن المدينة لم تكن غاضبة من يزيد وحده، و انما كانت منزعجة من هذا التيار الأموي الجامح الذي أخذ يشتد و يقوي علي حساب المسلمين و مكتسباتهم التي تحققت في ظلال الاسلام.

و قد أرسل بنوأمية، الذين كان يوجههم مروان و ابنه عبدالملك، كتابا الي يزيد يستغيثون به فيه، و حدد عبدالملك موعدا لحامل الكتاب يلقاه فيه في مكان معين اذا ما عاد بجواب الرسالة التي جاء فيها، (أما بعد، فانا قد حصرنا في دار مروان بن الحكم، و منعنا العذب، و رمينا بالجبوب، فيا غوثاه، يا غوثاه) [2] .

و قد أخبر رسول مروان و ابنه، يزيد بأن الناس كلهم أجمعوا علي بني أمية، (فلم يكن لهم بجمع الناس طاقة..) [3] .


پاورقي

[1] الطبري 352 / 3.

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق 352 / 3.