بازگشت

الكوفة اقبال علي أميرالمؤمنين


و لعل اقبال هذه الفئات الكبيرة من العراقيين علي أميرالمؤمنين و تفهمها مواقفه و قناعتها بتوجهاته الصحيحة مقابل ما شعروا به و شهدوه من انحراف و خلل سابق أثر علي حياتهم و علي حياة الأمة الاسلامية كلها، و لا يزالون يعانون منه و يشهدون آثاره، و منها بروز معاوية و الطبقات الطفيلية الجديدة كأثر واضح و نتيجة واقعة لذلك الانحراف، و شعورهم بضرورة القضاء علي هذه الطبقة العدوة التي تكاد تستأثر بكل شي ء، جعلت أعداء أميرالمؤمنين يركزون علي الكوفة و يستهدفونها بالشر و الأذي و يسعمون لتفتيتها و تمزيق مجتمعها الذي صوروه للآخرين و خصوصا لأهل الشام بأنه شيعة خاصة لعلي خاصة يتبنون مواقفه و أطروحاته و يعرضون عن كل موقف آخر خاص بالخفاء السابقين، و من هنا جاءت حملتهم الأخري المقصودة لحث الأمة علي اعتبار مواقف الشيخين أو الخليفتين الأولين سنة، حتي ان ممثلهم دعا أميرالمؤمنين للسير بسيريتهما في أعقاب الشوري التي عقدها عمر، و من هنا كانت حملة معاوية المقصودة لحث الناس علي الرواية بفضائل الخلفاء السابقين و اغداقه الأموال


علي كل من يفعل ذلك مقابل حملته الأخري استهداف أميرالمؤمنين بالسباب من علي المنابر و الحملة الثالثة لوضع الأحداث بفضله هو و فضل آل أبي سفيان.

و اذ أن معاوية صور الأمر و كأن أهل الكوفة انحازوا للامام علي و أصبحوا شيعة له لأسباب عاطفية أو نفسية بحتة لا لأسباب عقائدية، فانه جعل من أهل الكوفة الذين حاربوه تحت لواء الامام بالفعل هدفا لتحركاته و ركز جهوده علي اسكات كل صوت معارض له فيها.. و هكذا رأينا حملة القمع الدموية الرهيبة التي قام بها فيها و التي تولاها أشد قواده دموية و عسفا، زياد بن أبيه، و قد ظلت الكوفة مستهدفة بالشر و الأذي و المحاولات الدؤوبة للتفتيت و التمزق طيلة العهود الأموية و غيرها.