بازگشت

قريش و الأحزاب


و كانت سياسة العدل و المساواة الصارمة التي أخذ بها أميرالمؤمنين عليه السلام نفسه و الأمة الاسلامية، مضافا اليها شعور قريش بسيطرة ذلك الذي أرادت أن تبعده عن الخلافة و الحكم قبل اليوم بحجة عدم الرغبة بحجج النبوة و الخلافة في ذلك النوع من قريش الذي ينتمي اليه الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و أخوة علي بن أبي طالب عليه السلام [1] ، قد


جعلت من هذا الحزب القرشي غير المعلن و المشدود بولاء و عهد غير مكتوب للأرستقراطية و لامتيازات القرشية الهائلة في مقدمة المتصدين لأميرالمؤمنين عليه السلام متذرعا بمختلف الحجج و سالكا مختلف الأساليب التي لا تمت للأسلام بصلة. و اذا ما كانت النزعات الخاصة و المنافع الشخصية تجعل هؤلاء القرشيين يختلفون مع بعضهم أحيانا، فانهم رأوا أن من مصلحتهم أن يتحدوا ضد أميرالمؤمنين و يشنوا الحرب عليه، و هذا ما فعلوه منذ اليوم الأول الذي تولي فيه مسؤولية خلافة الأمة الاسلامية.

لقد فعلت قريش مع علي عليه السلام ما لم تجرؤ علي القيام به مع محمد صلي الله عليه و آله و سلم بعد أن استتبت له الأمور، مع أنها شنت الحرب عليهما معا بطرق و أساليب متعددة. انحنت لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لعاصفة الاسلام القوية الجارفة بعد أن أقبل الناس عليه دون تحفظ و بعد أن أيده الله بعنايته و عصمه من الناس، لم يجدوا ثغرة ينفذون منها اليه، فهو الرسول المسدود المؤيد المعضود، زحفت اليه قريش في نهاية المطاف بعد أن التف جميع الناس حوله و أعلن اسلامه حتي من لم يكن راغبا في ذلك في قرارة نفسه متحفظا متحرزا خائفا.

و اذ أن أميرالمؤمنين قد استبعد منذ و فاة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مباشرة و أقصي عن مركز المسؤلية المباشرة، فان ذلك أصبح حجة يتاح لهم رفعها كل حين للمقارنة بينه و بين الآخرين ممن تولوا زمام مسؤولية الحكم، و بين الآخرين الذين لم يتولوا المسؤولية و كانوا يطمحون الي ذلك. رأوا أنهم أصبحوا الآن في عهد أميرالمؤمنين قادرين علي التخلي عن التحفظات و المخاوف بشأن التمسك بمنهج الاسلام الصائب في الحكم و الحياة، و أعلنوا، بعد الحرية التي منحها لهم أميرالمؤمنين حول حرية الاقامة، فهيأ بذلك حظرا طويل الأمد من قبل الخلفاء السابقين عداوتهم الصريحة له، و ذهبوا الي حد شن الحرب عليه منذ اللحظة الأولي التي استلم فيها مسؤولية الحكم المباشر بعد أن رفض مساومتهم و اشراكهم في تلك المسؤولية التي سعوا اليها بأنفسهم.

و قد شعر أميرالمؤمنين أنه لا يستطيع بذلك الجو المشحون بالعداوة و الكراهية و التخرب و الذي اتحد فيه كل أعدائه - حتي أولئك الذين كانوا أعداء لبعضهم - و أعلنوا وقوفهم ضده بحجج ظالمة ما كان لها أن تصمد لو لم تجد لها بعض الآذان الصاغية، و كانت مقدمة حقدهم حرب الجمل، شعر أنه لا يستطيع أن يؤدي رسالته


لاعادة الأمة الي منهج الاسلام الصافي الصحيح و يربي أجيالا منها علي خطه الواضح دون التعرض للأحزاب التي شنت الحرب عليه و التي أخذت تستجمع قواها ثانية لجولات جديدة معلنة و غير معلنة.


پاورقي

[1] قال ابن ‏عباس: (ما شيت عمر بن الخطاب يوما، فقال لي: يابن ‏عباس، ما يمنع قومکم منکم و انتم أهل النبي خاصة؟ قلت: لا أدري. قال: لکني أدري. انکم فضلتموهم بالنبوه فقالوا: ان فضلوا بالخلافة مع النبوه لم يبقوا لنا شيئا، و ان أفضل النصيبين بأيديکم، بل ما أخالها الا مجتمعة لکم، و ان نزلت علي رغم قريش...) العقد الفريد 31 / 30 / 5.