بازگشت

اعلان الطواري ء لخنق الأنفاس


و كان خلق الظروف الطارئة و ايهام الأمة بوجود أعداء يكيدون لها، يتيح لها اعلان حالة استنفاد و حرب دائمية و اللجوء الي أقسي الأساليب و أشدها شراسة مع كل من تعتقد أنه ضد مسيرتها. كانت الأمة تعيش حالة حرب منذ أن مهد لقتل عثمان و مع بداية حكومة أميرالمؤمنين، و كانت تلك الحالة هي الأمر الوحيد الذي حسب معاوية أنه يتيح له تنفيذ خططه و أفكاره، و هكذا كان هو في مقدمة الساعين لقتله و كان أشد الناس فرحا بذلك، لأن المطالبة بدمه فيها بعد يتيح له استقطاب كل من لا يري رأي أميرالمؤمنين و كل طامع و مضلل، و تتيح له تكوين جيش مستنفر دائما و علي أهبة الاستعداد لتنفيذ مطالبه و أغراضه.


و لم يكن في صالح النظام الأموي أن تعطل حالة الاستنفار و الطواري ء تلك و كان يجد المبررات دائما لوجودها و ادامتها...

و اذ أن النظام بدا مزدهرا و قويا و قادرا علي التنكيل بخصومه بكل بساطة، فان الأمة لابد أن تدفع باتجاه التساؤل عن مغزي دفعها لتعيش حالة الطواري ء الدائمية تلك، و عن سبب الويلات و الأزمات الخانقة و حالة التفرقة و التباين التي تعيشها في ظل ذلك النظام... هل خاض المسلمون الحروب و عاشوا الويلات ليمهدوا الطريق أمام دولة الظلم الأموية لتقوم بالمزيد من الظلم و الانتهاكات و التجاوز علي حقوقهم..؟ و ما هي الحجج التي بقيت أمامها لتقوم بمثل تلك الانتهاكات.

و كان لابد أن تفهم الأمة الاسلام جيدا لكي تفهم طبيعة الظلم الواقع عليها و طبيعة انحرافها عن الاسلام، فبدون تلك تبقي مضللة و تعيش حالة الهمج الرعاع الذين لا يدركون أن هناك ظلما يقع عليهم و يعيشون الا الحالة الحيوانية الغريزية و لا يهتمون الا بحياتهم اليومية العادية و لا تتعدي اهتماماتهم الي جماهير الأمة المظلومة.

كانت دولة الظلم تسعي لتوسيع هذه الطبقة لكي يتاح لها تنفيذ كل مخططاتها و مؤامراتها، و كان لابد من وجود قوة واعية متسلحة بالعلم الرباني الصحيح غير القابل للانحراف و المساومة تتصدي لقوة الانحراف و مؤسسات و أجهزته...

و قد تمثلت تلك القوة بآل البيت عليهم السلام و أتباعهم الذين شكلوا الطليعة العقائدية الموهلة للقيادة و التأثير....