بازگشت

تبجحات لاخفاء المخاوف


و قد حسب يزيد أنه يستطيع تخفيف غضب الناس عليه - و منهم أفراد من عائلته نفسها - برمي تهمة القتل و تبعاتها علي ابن زياد وحده، كما رأينا، و باستعراض السبايا و الرؤوس الشريفة، و اجراء حوارات مع بعض النساء الباكيات الحزينات، و مع الامام زين العابدين الموثق بالاغلال، حاسبا أنهم سيسكتون أمام ادعاءاته و تبجحاته و أنهم سينحنون أمامه و يوافقونه علي كل ما سوف يطرحه من أفكار و (حجج)، و أنهم سيستجدون عطفه، و قد يسألونه رد ما أخذ منهم من أموال و مصاغ... و سيبادر الي


تلبية طلبهم حاسبا أن كل شي ء و كل امري ء يمكن أن يشتري بالأموال [1] ... مع أنهم كانوا أكثر الناس شعورا بالخسارة الكبيرة المتمثلة بفقد الحسين و أصحابه عليهم السلام و التنكيل بهم و قطع رؤوسهم و حملها بتلك الطريقة المردية البشعة، و ترك جثثهم الممزقة تسفي عليها الرياح، و تغزوها الرخم و العقبان و الوحوش.

و اذ أنه فشل بمواجهة زينب التي جعلته يبدو علي حقيقته عصبيا متشنجا يلجأ الي السباب الفاحش و الكلام القبيح، فانه حاول اعادة الكره مع زين العابدين الذي بدا مرهقا حزينا مريضا ينوء بأعباء الأسر و الفاجعة، عله يسمع منه كلمة تدين موقف والده الحسين أو تقر موقفه منه و الذي لجأ اليه بتوصية من والده معاوية كما رأينا، الا أنه فشل في ذلك أيضا، و كان موقف زين العابدين الصلب مثار انتكاسة أخري لحقت به و جعلته بفقد حلاوة النصر التي كان يحسب أنه يستمع بها في تلك اللحظات، بل لعلها أثارت في نفسه مخاوف حقيقية من ثورة محتملة بوجهه رغم كل ما كان يتمتع به من سلطان كبير و قوة ظاهرية.


پاورقي

[1] و قد روجت روايات أفادت أن بعض النساء طلبن من يزيد اعادة مصوغاتهن التي سلبت منهن عقيب واقعة الطف، و انه قد وافق علي ذلک و ضاعفها لهن. و دلائل الحال لا تشير الي ذلک و لا تقره، اذ کيف تقدم اولئک النسوه بما عرف عنهن من المواقف المبدئية المشهودة، علي مثل ذلک الطلب مع شعورهن الکبير بخسارة الصفوه من آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و في مقدمتهم الحسين عليه ‏السلام و اخوته و أبناء عمومته و أولاده. و لا شک أن الغرض من تلک الروايات تحسين صورة يزيد و تشويه صور الحسين و أصحابه و نسائه.