يزيد بين الفرح و الخوف
و قد تجاذب يزيد في تلك اللحظات عاملان، عامل الفرح و النشوة و الزهو بما ظن أن قد حققن من انتصار، و عامل الخوف من انقلاب الموقف صالحه، و قد رأي بوادر غضب و ثورة شعبية توشك أن تهب عليه و تطيح بعرشه، بل أن بعض من غضبوا عليه كانوا من أهل بيته و من المقربين اليه.
كان يحيي بن الحكم، أخو مروان بن الحكم أحد الذين كانوا يحضرون في مجلس يزيد عندما جلبت السبايا و الرؤوس اليه، و قد رأي رد فعل يزيد و فرحه مما نال الحسين و أصحابه عليهم السلام فأنشد في ذلك المجلس ببيتين من الشعر أسمعهما كل الحاضرين حتي يزيد نفسه الذي نهره و قيل انه عاتبه علي انشادهما في تلك اللحظة.
قال يحيي بن الحكم:
(لهام بجنب الطف أدني قرابة
من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل
سمية أمسي نسلها عدد الحصي
و بنت رسول الله ليس لها نسل
فضرب يزيد بن معاوية في صدد يحيي بن الحكم و قال له: اسكت..) [1] .
و يحيي بن الحكم هذا قد شهد و فد أهل الكوفة عندما دخل مسجد دمشق برأس الحسين عليه السلام و قد استمع الي روايتهم عن واقعة الطف فقال لهم: (ما صنعتم؟...) [2] فأخبروه الخبر (فقال: حجبتم عن محمد يوم القيامة، لن أجامعكم علي أمر أبدا. ثم قام فانصرف..) [3] .
پاورقي
[1] الطبري 339 / 3. ابنکثير 194 / 8 و قيل ان يزيدا قال له: (نعم، فلعن الله ابنمرجانة اذ أقدم علي قتل الحسين بن فاطمة. لو کنت صاحبه، لما سألني خصلة الا أعطيته اياها، و لدفعت عنه الحتف بکل ما استطعت و لو بهلاک بعض ولدي ولکن قضي الله أمرا فلم يکن له مرد) و نري أن يزيد يسند الأمر کله الي قضاء الله. و روي (ان يزيد أسر الي عبد الرحمن و قال: سبحان الله، أفي مثل هذا الموضع، أما يسعک السکوت) و في هذه الرواية تنسب الأبيات الي عبدالرحمن بن الحکم. بحارالأنوار 131 / 130 / 45.
[2] الطبري 341 / 3.
[3] الطبري 341 / 3.