منطق أموي
و قد حاول أن يغطي علي ضعفه و ما ظهر من حقده علي الاسلام، بتوجيه الكلام الي زين العابدين عليه السلام في محاولة جره الي مهاترة كلامية معه يستطيع فيها التغلب عليه و النيل منه و من آبائه.
(لما جلس يزيد بن معاوية دعا أشراف أهل الشام، فأجلسهم حوله، ثم دعا بعلي بن الحسين و صبيان الحسين و نسائه، فأدخلوا عليه و الناس ينظرون، فقال يزيد لعلي: يا علي، أبوك الذي قطع رحمي، و جعل حقي، و نازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت.
فقال علي: (مآ أصاب من مصيبة في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بمآ ءاتكم و الله لا يحب كل مختال فخور) [1] .
فقال يزيد لابنه خالد: اردد عليه، فما دري خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد: قل: (و مآ أصبكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفوا عن كثير) [2] ... ( [3] .
و كان يزيد يهدف بتحشيده أشراف أهل الشام الحقودين علي آل البيت، حوله، أن يثير الرعب في نفوس بقوا أحياء من بيت الحسين عليه السلام.. و لابد أنه كان يتوقع تسلية كبيرة من أناس شلت ألسنتهم المخاوف منه، بعد أن رأوا فعله بالحسين
و أصحابه عليهم السلام و كان يتوقع أن يصمت زين العابدين و يتخاذل أمامه فلا يرد عليه بكلمة، فيكون قد أبلغ هو في الكلام أمام جلسائه و أفخم خصومه الذين أحضرهم أمامه بتلك الحال المزرية.
و لابد أن ما كان يحفظه من كلام الله الوارد في كتابه المبين كان يقصد به استعماله لأغراضه، فيختار من الآيات ما يستطيع تأويله و تحقيق مآربه، كما كان يفعل والده معاوية قبل ذلك تماما، الا أنه فشل بما أراد تحقيقه بعد أن رد عليه الامام زين العابدين عليه السلام ذلك الرد القوي.
پاورقي
[1] الحديد 23 / 22.
[2] الشوري 30.
[3] الطبري 339 / 3 و ابنکثير 196 / 8 و ذکر السيد الأمين 152 / 3 أن زين العابدين رد عليه قائلا: (يا بن معاوية و هند و صخر لقد کان جدي علي بن أبيطالب في يوم بدر و أحد و الأحزاب في يده رآية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أبوک وجدک في أيديهما رايات الکفار... ويلک يا يزيد. انک لو تدري ماذا صنعت و ما الذي ارتکبت من أبي و أهل بيتي و أهلي و عمومتي اذا لهربت في الجبال و افترشت الرماد و دعوت بالويل و الثبور أن يکون رأس أبي الحسين بن فاطمة و علي منصوبا علي باب مدينتکم و هو وديعة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فيکم فابشر باخزي و الندامة...).