بازگشت

يوم بيوم بدر» الثأر من رسول الله


لقد حسب يزيد - في غمرة شعوره الوهمي بالانتصار - انه استطاع القضاء علي آل بيت محمد صلي الله عليه و آله و سلم تماما، و أنه استوفي كل ما بذمته صلي الله عليه و آله و سلم له و لآل أبي سفيان بعد أن و ترهم ببدر هو و ابن عمه أميرالمؤمنين عليه السلام الذي قتل عددا من أسلافه بتلك المعركة، و كان من شأن ذلك الشعور أن يزيل كل تحفظاته و يجعله يجاهر بآرائه الحقيقية من الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و في الاسلام. اذ من سيجرؤ بعد الآن علي انتقاده و توجيه اللوم اليه بعد أن أقدم علي قتل الحسين و أصحابه عليه السلام بتلك الطريقة البشعة.

كما كان من شأن منظر ثقل الحسين و نسائه و من تخلف من أهله و هم مقرنون بالحبال و في مقدمتهم زين العابدين عليه السلام و هو مغلول، أن يزيد من فرحه و زهوه و شعوره بالانتصار... و قد أراد أن يبقيهم علي تلك الحال لو لا أن أحرجه زين


العابدين أمام جلسائه قائلا: (أنشدك الله يا يزيد، ما ظنك برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لو رآنا علي هذه الصفة؟) [1] و هو تساؤل أثار مشاعر الحزن و الألم في الحاضرين (.. فلم يبق في القوم أحد الا و بكي.. فأمر يزيد بالحبال فقطعت و أمر بفك الغل عن زين العابدين..) [2] .

و في خضم مشاعر الحزن و الألم و البكاء حاول يزيد التظاهر بالحزم و الشدة، و أنشد و هو يحاول أن يبدو بمظهر من يريد تطبيق العدالة و الحرص علي وحدة الأمة! و سيادة قانون الدولة... مرددا أبيات الحصين بن الحمام المدي..



(صبرنا و كان الصبر منا سجية

بأسيافنا يفدين هاما و معصما



أبي قومنا أن ينصفونا فأنصفت

قواضب في ايماننا تقطر الدما



تعلق هاما من رجال أعزة

علينا و هم كانوا أعق و أظلما



و دعا بقضيب خيزران و جعل ينكت به ثنايا الحسين عليه السلام ثم قال: يوم بيوم بدر...) [3] .

و قد أثار ذلك رجلا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقال له أبوبرزة الأسلمي كان يحضر ذلك المجلس، و هو أمر مألوف في بلاطه حيث يحاول استمالة الناس و تحسين منظره بدعوة بعض الصحابة و الناس المرموقين لحضور مجلسه، كما كان يفعل والده من قبل تماما.. قال له أبوبرزة مستنكرا: (و يحك يا يزيد، أتنكت بقضيبك ثغر الحسين بن فاطمة، أشهد لقد رأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يرشف ثناياه و ثنايا أخيه الحسن و يقول: أنتما سيدا شباب أهل الجنة، فقتل الله قاتلكما و لعنه و أعد له جهنم و ساءت مصيرا..) [4] .



پاورقي

[1] سيرة الأئمة - السيد محسن الأمين 149 / 3.

[2] سيرة الأئمة - السيد محسن الأمين 149 / 3.

[3] المصدر السابق 150 - 149 / 3 و الطبري 340 - 338 / 3.

[4] المصدر السابق ص 150.

و ذکر الطبري أن أبابرزه الأسلمي قال ليزيد: (أتنکت بقضيبک في ثغر الحسين!؟ أما لقد أخذ قضيبک من ثغره مأخذا، لربما رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يرشفه. أما انک يا يزيد تجي‏ء يوم القيامة و ابن‏ زياد شفيعک. و يجي‏ء هذا يوم القيامة و محمد صلي الله عليه و آله و سلم شفيعه. ثم قام فولي..) الطبري 341 / 3، و يراجع ابن‏کثير 196 / 8، و ابن‏الأثير 438 / 3.