في دمشق.. احتفالات و أفراح
أما في دمشق، فقد رأينا كيف كانت الاستعدادات جارية، بعد وصول نبأ المذبحة ليزيد، لاستقبال الرؤوس الشريفة و موكب السبايا.
كانت المظاهر الاحتفالية البهيجة تعم عاصمة الدولة التي أعد أهلها منذ وقت بعيد لموالاة البيت الأموي الحاكم و النظر بمنظاره لكل شي ء و معاداة أعدائه و مناوئيه، و قد جعلوا الحقد علي آل البيت دينهم و مذهبهم. لقد جعلهم معاوية منذ البداية يعتقدون أنهم المستهدفون الرئيسيون بالأذي من قبل كل من يرفع أصبعا أو صوتا
بوجه النظام و كل من يسعي لتقويم الانحراف أو الخلل الواضح الذي بدأ يظهر بجسم الدولة الاسلامية التي سيطر عليها هو و أعوانه.
و لنا أن نتصور فرحتهم و هم يرون رؤوس أعدائهم ترفع فوق الرماح في نفس القافلة التي ضمت النساء و الأطفال المحمولين علي الأقتاب و الذين يساقون كما تساق سبايا الكفار الذين لا ينتمون للاسلام و الذين أشهروا سيوفهم بوجوه المسلمين...
و قد جعلت أبهة السلطان و مظاهر القوة التي أحاط بها نفسه، يزيد يعتقد حقا أنه يعيش حالة انتصار حقيقية علي أعدائه و أن الطريق أصبح ممهدا أمامه لتنفيذ كل ما يحلم بتنفيذه، و أن لا أحد يجرؤ بعد الآن علي الوقوف بوجهه و تعطيل مسيرته المنحرفة أو انتقادها.
لم يطق يزيد صبرا لانتظار الموكب ريثما يدخل عليه، و انما خرج لتلقيه (فلقي الأطفال و النساء من ذرية علي و الحسن و الحسين و الرؤوس علي أسنة الرماح و قد أشرفوا علي ثنية العقاب، فلما رآهم أنشد:
لما بدت تلك الحمول و أشرفت
تلك الرؤوس علي ربي جيرون
نعب الغراب فقلت: قل أو لا تقل
فلقد قضيت من الرسول ديوني [1] .
پاورقي
[1] سيرة الأئمة ص 148 عن جواهر الطالب لابي البرکات شمس الدين محمد الباغندي عن تاريخ ابنالقفطي.