بازگشت

اقسم لو يفسح لي عن بصري


و جعل القوم يدورون عليه من كل جهة، و هو يذب عن نفسه، فلم يقدر عليه أحد. و كلما جاءوا من جهة قالت: يا أبة قد جاءوك من جبهة كذا، حتي تكاثروا عليه و أحاطوا به. فقالت ابنته: و اذلاه، يحاط بأبي، و ليس له ناصر يستعين به، فجعل يدير سيفه و يقول:



أقسم لو يفسح لي عن بصري

ضاق علكيم موردي و مصدري



فما زالوا به حتي أخذوه، ثم حمل فأدخل علي ابن زياد. فلما رآه قال: الحمد لله الذي أخزاك، فقال له عبدالله بن عفيف: يا عدو الله، و بماذا أخزاني الله؟



و الله لو فرج لي عن بصري

ضاق عليك موردي و مصدري



فقال ابن زياد: يا عدو الله ما تقول في عثمان بن عفان؟

فقال: يا عبد بني علاج، يا ابن مرجانة - و شتمه - ما أنت و عثمان ان أساء أم


أحسن، أصلح أم أفسد، و الله تعالي ولي خلقه، يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل و الحق، ولكن سلني عن أبيك و عنك و عن يزيد و أبيه...

فقال ابن زياد: و الله لا سألتك عن شي ء أو تذوق الموت..

فقال عبدالله ابن عفيف، الحمد لله رب العالمين: أما أني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة قبل أن تلدك أمك. و سألت الله أن يجعل ذلك علي يدي ألعن خلقه و أبغضهم اليه، فلما كف بصري يئست من الشهادة، و الآن الحمد الله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، و غرفني الاجابة منه في قديم دعائي...

فقال ابن زياد: أضربوا عنقه، فضربت عنقه و صلب في السبخة...) [1] .

أجبرت الكوفة علي السكوت و الاستسلام، و بعث ابن زياد برأس الحسين عليه السلام و رؤوس أصحابه مع السبايا الي يزيد في الشام بعد أن نصب الرأس الشريف بالكوفة و أمر أن يدار به فيها... و حاول أن ينهي هذا الفصل المحزن بضروب الشراسة و سوء الخلق الذي أبداه هناك، غير أن الكوفة ما نامت الا لتستيقظ ثانية و تهز سيوفها بوجوه ممثلي دولة الظلم و رموزها.. و كان لها فصل آخر لعبته بعد فترة قصيرة، و أنزلت فيه عقابها بكل من شارك بمذبحة الطف.. و كانت لها فصول أخر أثبتت فيها أنها لم تكن تنتمي لدولة الظلم مهما كان شكلها و وجهها و ان سكتت أحيانا و بدت لمن يراقبها من السطح أنها نائمة هادئة. و لنا حديث آخر عنها في هذا الفصل سنتطرق اليه بعون الله تعالي.


پاورقي

[1] البحار عن الملهوف 121 / 120 / 45 و قد رويت القصة باختصار في الارشاد 229 و الطبري 338 / 3.