بازگشت

فورة عاطفية مؤقتة


و قد علم زين العابدين أنها لم تكن سوي فورة عاطفية، و ان الكوفة ان تجمعت حوله الساعة فانها ستتفرق عنه بعد لحظات بمثل الطريقة التي تفرقت بها عن مسلم و تخلت عن أبيه عليه السلام ثم أقدمت علي حربه و قتاله... و ان تكن قد هاجت لما حل بالحسين عليه السلام... فان سيف السلطة و سوطها سيعيدانها لواقعها المر في ظل دولة الظلم.

كان يكفي زين العابدين أن يتذكر أهل الكوفة خطأهم علي الدوام و يتوبوا عن جريمتهم المنكرة. أما رد الفعل المناسب فقد يأتي في الوقت المناسب أيضا، اذ قد تقدم الكوفة علي الثأر من القتلة المباشرين و منفذي الجريمة. و تري الجميع أن أولئك الجلادين كانوا من ضحايا دولة الظلم أيضا اذ ألقت عليهم مسؤولية الجريمة و جعلتهم يواجهون الأمة المسلمة حينما أرادت التعبير عن غضبها و الثأر للحسين، و هو ما فعلته بعد ذلك عندما أقدمت علي مطاردة أولئك القتلة و استئصالهم.

و قد استأنف خطبته قائلا: (هيهات هيهات أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم و بين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا الي كما أتيتم الي آبائي من قبل؟ كلا و رب الراقصات، فان الجرح لما يندمل، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس، و أهل بيته معه، و لم ينسني ثكل رسول الله و ثكل أبي و بني أبي، و وجده بين لهاتي، و مرارته بين حناجري و حلقي، و غصصه يجري في فراش صدري، و مسألتي أن لا تكونوا لنا و لا علينا..) [1] .

لم يكن يأمل منهم أكثر من ذلك، فقد كانوا يعيشون حالة خدر و استسلام... و جل ما كان يتمناه هو أن يقوموا بمراجعة أنفسهم و تقويم الوضع كله، فالموقف الحيادي غير المنحاز يجعلهم يدركون أي الجانبين أقرب للحق و الصواب و يتيح لهم انتهاج طريقه عن و عي و ارادة و تصميم و العودة الي منهج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و خلفائه الحقيقيين الذين تناسوهم في غمرة الحملة المحمومة التي شنت عليهم من معاوية و خليفته و من قريش و الأحزاب...



پاورقي

[1] المصدر السابق.