بازگشت

دور الامام زين العابدين بعد الواقعة - في الكوفة


أما دور الامام زين العابدين، الذي كان يعاني مرضا مبرحا جعله لا يستطيع المشاركة في القتال، فقد كان ينسجم مع دور أبيه الحسين المناوي ء لدولة الظلم الأموية، و قد أخذ يلعب ذلك الدور منذ تلك المعركة المذبحة و استمر بعد ذلك يؤديه بنمط و أسلوب جديدين يتماشيان مع طبيعة المرحلة التي كان يعيشها و مع طبيعة نظام الحكم الشرس الذي بدأ يكشف عن مخططاته و برامجه بكل جرأة و وقاحة غير حاسب لجماهير المسلمين أي حساب... ألقي خطبة مؤثرة في أهل الكوفة الذين كانوا يتوقعون عودة موكبه بالنساء السبايا و الأطفال المرعوبين، الذين استمعوا قبل ذلك لخطبة مؤثرة طويلة من السيدة زينب عليهاالسلام ثم أخري قصيرة من أم كلثوم كان الموقف عاصفا، و كأنه كان معدا لسماع تلك الخطبة، اذ كان الناس يضجون بالبكاء


و النوح و الحنين (و نشرت النساء شعورهن و وضعن التراب علي رؤوسهن و خمشن وجوههم و ضربن خدودهن، و دعون بالويل و الثبور، و بكي الرجال، فلم ير باكية و باك أكثر من ذلك اليوم...

أومأ الي الناس أن اسكتوا فسكتوا، فقام قائما فحمد الله و أثني عليه و ذكر النبي و صلي عليه ثم قال:

أيها الناس من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل و لا تراث، أنا ابن من انتهك حريمه و سلب نعيمه، و انتهب ماله، و سبي عياله. أنا ابن من قتل صبرا، و كفي بذلك فخرا...

أيها الناس: ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم الي أبي و خدعتموه و أعطيتموه من أنفسكم العهد و الميثاق و البيعة، و قاتلتموه و خذلتموه! فتبا لما قدمتم لأنفسكم و سوأة لرأيكم، بأية عين نتظرون الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اذ يقول لكم: قتلتم عترتي و انتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي...؟!) [1] .

و كان تساؤله في ذلك الجمع المنكسر الحزين الذي أدرك فداحة الجريمة التي أقدم عليها و شارك فيها، ذا أثر كبير لتصعيد و تائر الحزن و الندم، اذ ما عسي أن يجيب علي ذلك السؤال المفحم، و علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ان سألهم يوم الحساب عن ذلك، و قد أعادت أقواله انهمار الدموع التي لم تكد تجف في مآقيهم... (فارتفعت أصوات الناس من كل ناحية، و يقول بعضهم لبعض: هلكتم و ما تعلمون) [2] .

بعد أن هيأ الامام ذلك الجو العاطفي المشحون، و جعل الناس مستعدين لتلبية ما كان يبدو أنه سيطلبه منهم قال لهم مستطردا: (رحم الله امرءا قبل نصيحتي، و حفظ وصيتي في الله و في رسوله و أهل بيته، فان لنا في رسول الله أسوة حسنة..) [3] .

كانوا في غمرة حزنهم يتوقعون أنم يدعوهم الامام لاعلان الثورة علي ابن زياد مجددا لأخذ ثأر أبيه و أصحابه عليهم السلام... و قد ارتفعت صيحاتهم: (نحن كلنا يا بن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك و لا راغبين عنك،


فمرنا بأمرك يرحمك الله، فانا حرب لحربك، و سلم لسلمك، لنأخذن يزيد و نبرأ ممن ظلمك و ظلمنا...) [4] .


پاورقي

[1] البحار 113 - 112 / 45 و السيد الأمين / سيرة أهل البيت 144 / 143 / 3.

[2] البحار 113 - 112 / 45 و السيد الأمين / سيرة أهل البيت 144 / 143 / 3.

[3] البحار 113 - 112 / 45 و السيد الأمين / سيرة أهل البيت 144 / 143 / 3.

[4] المصدر السابق.