بازگشت

مشهد جيش منتصر، أم فلول مهزومة


كان مشهد الجنود العائدين من كربلاء الي الكوفة، لا يدل علي جيش منتصر يشعر بالنشوة مما قام به من أعمال بطولية بمواجهة عدو أكثر منه حشدا و قوة، بل انه يكاد يبدو كحشد من عصابات مهزومة خائفة تطاورتها قوة أكثر منها عزيمة و بأسا. قيل


لهم أن الدولة مستهدفة بالخطر، و أنهم هم خاصة مستهدفون بخطر أشد و أكبر... قرعت لهم أجراس الحرب، و حشدوا من كل صوب، و أخذوا بالاكراه، حتي أخذ أصحاب المصالح و المهن و لم يسمح لأحد يقدر علي حمل السلاح بالبقاء و أرسلوا الجميع للحرب! و قام الأشراف و أعوانهم و من تطوع لابداء حماس استثنائي بدفعهم الي كربلاء، حيث لم يجدوا أمامهم سوي حفنة صغيرة من قرائهم و أماثلهم و فضلائهم يقودهم الحسين في قافلة صغيرة ضمت مجموعة من النساء و الأطفال. و جدوا أن هؤلاء قد حوصروا و منعوا الماء بدعوي أنهم كانوا يستهدفون الدولة بالحرب و الأذي.

تحدث معهم الحسين و جماعة الحسين و جماعة من أصحاب، و بينوا لهم الغرض من قدومه اليهم، و رغم الضجيج، و محاولات شمر و أشباهه لمنعهم من ايصال أصواتهم و شرح مهمتهم، فان ما سمعوه، و ما علموه قبل ذلك كافيا ليؤكد لهم أنهم هم الذين كانوا مستهدفين بالظلم و الأذي.. و قد جاء الحسن عليه السلام لينصرهم بعد أن و عدوه بالوقوف الي جانبه لنصرة الاسلام.

و اذ أنهم واجهوه تلك المواجهة الشرسة و لم يستمعوا له، و ذهبوا الي حد التمثيل بجثته و قطع رأسه و رؤوس أصحابه و منع الماء عن نسائه و أطفاله، بل و قتل بعض أولئك الأطفال أيضا، فان المجموعة المبتهجة برفع الرؤوس علي أطراف رماحها، ما كانت الا لتثير مشاعر الأسي و الاحباط في بقية أفراد الجيش العائد من المذبحة.

هل كان الأمر يستحق كل هذا لو أنهم كانوا المستهدفين بالأذي الوهمي الذي يمكن أن يلحقه الحسين بهم..؟ أم أن الدولة تبدي قسوتها و شراستها لمواجهة أكرم و أعز شخص في المسلمين لتبلغهم رسالتها و تقول: هذا مصير كل من يتصدي لنا و يقف بوجوهنا...؟

كانوا من قبل ضحية للدولة و أطماعها، و علموا الآن أنهم الآن سيبقون ضحيحة دائمية لها... و انها ستظل تستنزفهم و تعبث بهم الي الأبد. و قد أعلمهم الحسين بذلك قبل أن يقتلوه بتلك الطريقة البشعة الي لم يكن مسرورا بها حتي قائدهم الجبان المتخاذل عمر بن سعد، رغم أنه هو الذي أصدر أوامره بذلك بناء علي تعليمات مشددة تلقاها من سيده ابن زياد الذي كان يخافه أشد الخوف.