بازگشت

شبث بن ربعي أول النادمين ضلال يا لك من ضلال


و لعل ما تفوه به شبث بن ربعي، بعيد قتل مسلم بن عوسجة، و بعد ذلك - في امارة مصعب، يدل علي حل أهل الكوفة خاصة و ما شعروا به جراء مشاركتهم بالمجزرة... فعندما (... تنادي أصحاب عمرو بن الحجاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسدي... قال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمهاتكم، انما تقتلون أنفسكم بأيديكم، و تذللون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة.. أفيقتل منكم مثله و تفرحون!) [1] .

و شبث بن ربعي هذا، الذي كان يقاتل مع أميرالمؤمنين عليه السلام في صفين، و له موقف معروف مع معاوية، أجبر ليكون أحد قادة ابن سعد... و كان قد كتب الي الحسين عليه السلام يدعوه للقدوم الي الكوفة و يعده بنصرته، الا أنه تراجع و استسلم لابن زياد و أصبح في صف الجيش القاتل.

و كلماته هنا كانت موجهة ليسمعها جماعة من أصحابه، و لعله لم يكن يجرؤ علي التفوه بها علنا أمام أفراد الجيش الآخرين، لما كان يعلمه من عدم تورع ابن زياد عن البطش و القتل.

و قد قال شبث هذا نفسه، فيما بعد؛ في امارة مصعب، و قد دالت دولة يزيد و قتل ابن زياد... (لا يعطي الله أهل هذا المصر خيرا أبدا، و لا يسددهم لرشد، الا تعجبون أنا قاتلنا مع علي بن أبي طالب، و مع ابنه من بعده، آل أبي سفيان خمس سنين، ثم عدونا علي ابنه، و هو خير أهل الأرض نقاتله مع آل معاوية، و ابن سمية الزانية! ضلال، يا لك من ضلال) [2] .

أية كلمات أبلغ من هذه يمكن أن تعبر عن ندم الناس علي موقفهم من


الحسين، اذ لم يكتفوا بالتخلي عنه و عدم نصرته و ذهبوا الي حد المشاركة بقتله، مع علمهم أنه أخير أهل الأرض، و أن عدوه من نسل زانية يعرفها كل العرب.

و يكاد شعور الندم هذا لا يشمل أهل العراق و أهل الكوفة وحدهم علي وجه الخصوص، بل يشمل العديد من المدن الاسلامية المهمة الأخري كالمدينة و مكة اللتين قامتا بالثورة بوجه يزيد بعد فترة قصيرة، و ان اختلفت بعض دوافع الثوار و أهدافهم كما هو الأمر بالنسبة لابن الزبير مثلا، و سنفرد لكل ثورة مبحثا كاملا بعون الله نتناول فيه خصوصياتها و ملابساتها..


پاورقي

[1] الطبري 325 / 3.

[2] الطبري 325 / 3.