بازگشت

نجاح منقطع النظير


لقد كان نجاح الثورة هائلا و غير متصور، و كان رد فعل الأمة تجاهها قويا و متجددا، بل انه بدا ليس مقتصرا علي وقت محدود أو علي فئة خاصة من المسلمين.

لقد عد الكثيرون من المسلمين الواعين - علي اختلاف اتجاهاتهم - قضية الحسين، قضية الاسلام الأساسية الكبري بمواجهة أعدائه، و كانت مسيرته الملحمية لوقف الانحراف و الانحدار السريع عن خط الاسلام المحمدي الصحيح، تمثل أمامهم دائما كفعل ارادي حر نابع عن ارادة الاسلام نفسه و عن الشعور العميق بالمسؤولية تجاه هذا الدين، فليس لأحد من المسلمين أن يكون مرهونا بارادة دولة ظالمة أو حاكم جائر مستبد، و لعل شهادته أمام الله، انه لا اله الا هو و انه وحده


الخالق و القادر و المالك و المهيمن، و اقراره أن محمدا عبده و رسوله، عقد يعترف به هو كل يوم عدة مرات، و يرتب عليه أن يستسلم لله وحده و يطيعه و يتمسك به و لا يخاف الا اياه، و ان عليه أن يفي بمتطلبات هذا العقد أمامه مع كل ما يترتب عليه من مسؤوليات و ترافقه من مخاطر أو متاعب، و اعترافا منه بالعبودية المطلقة لهذا الخالق الفرد عن وعي و موقف ارادي حر، و الذي اشتري منه نفسه و ماله. فان عليه أن يقدم علي ما يراه ضروريا لصالح دينه حتي و ان كان القتل في سبيله. لأن ذلك سيكون قمة الوفاء و ستكون محصلته الفوز العظيم بالجنة مع الأنبياء و الصديقين و الشهداء و الصالحين، و حسن أولئك رفيقا... (ان الله اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التورة و الانجيل و القرءان و من أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم) [1] .

لم يعمل الحسين و أصحابه سوي أن استجابوا بارادة طوعية حرة الي مسووليتهم كمسلمين و اعين يحترمون عهودهم و التزاماتهم. و كان ذلك نابعا عن فهم صحيح للاسلام و استيعاب تام لمعطياته و مبادئه، و فعلوا ما لم تفعله الأمة كلها، و ما أرادوا أن تفعله مجتمعة. و كانوا مطمئنين من النتيجة، و من وعد الله لهم بالنصر و الفوز بالجنة (و من أوفي بعهده من الله). و بذلك حفظوا الأمة من الاستسلام المستمر و النوم و الحذر و اللامبالاة و الوقوع بين براثن الظالمين، و جعلوها تنتبه الي كل بادرة قد تؤدي بها الي انحراف جديد و تتصدي في أحيان عديدة لرموز الانحراف الجديد بنفس القوة التي تصدي بها الامام الحسين للدولة الأموية الجائرة.


پاورقي

[1] التوبة: 111.