بازگشت

دلهم بنت عمرو: اذهب الي الحسين، و أم وهب


و نستمع في مشهد آخر ل (دلهم بنت عمرو) زوج زهير بن القين، عندما تردد في المثول بين يدي الحسين و قد كان يسايره في الطرق، و قد استدعاه الحسين عليه السلام ليأتيه.. قالت له: (سبحان الله، أيبعث اليك ابن رسول الله، ثم لا تأتيه، فلو أتيته فسمعت من كلامه، ثم انصرفت) [1] .

و ذهب زهير بناء علي نصيحتها.. ثم عاد مستبشرا بعد أن قرر أن يذهب مع الحسين عليه السلام و يقاتل معه، و قال لامرأته: (الحقي بأهلك، فاني لا أحب أن يصيبك بسببي الا خير، و قد عزمت علي صحبة الحسين.

فقامت اليه وود عنه و قالت: خار الله لك، أسألك أن تذكرني عند جد الحسين يوم القيامة) [2] .

و بقي زهير مع الحخسين عليه السلام، و استشهد بين يديه، و سجل تلك المواقف الفريدة الجديرة بمن صاحبوا الحسين و نصروه.

و تطالعنا أم وهب بنت عبد زوج عبدالله بن عمير من بني عليم، و قد رافقت زوجها للالتحاق بالحسين عليه السلام بعد أن (رأي القوم بالنخيلة يعرضون ليسرحوا الي الحسين عليه السلام) [3] و عندما قال لها: (والله لقد كنت علي جهاد أهل الشرك حريصا، و اني لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عندالله من ثوابه اياي في جهاد المشركين) [4] قالت له: (أصبت، أصاب الله بك أرشد أمورك، افعل و أخرجني معك.. فخرج بها ليلا، حتي لقي حسينا فأقام معه) [5] .

و قد استشهد ابن عمير بين يدي الحسين عليه السلام بعد أن أبدي بطولة فائقة.. فأخذت زوجة أم وهب عمودا تقاتل به أعداءه، و ذلك قبل أن يقتل، و هي تقول له مشجعة: (فداك أبي و أمي، قاتل دون الطيبين، ذرية محمد صلي الله عليه و آله و سلم، فأقبل يردها


نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه، ثم قالت: اني لن أدعك دون أن أموت معك) [6] .

و قد ناداها الحسين عليه السلام قائلا: (جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله الي النساء، فاجلسي معهن، فانه ليس علي النساء قتال، فانصرفت اليهن) [7] .

و عندما استشهد زوجها، خرجت اليه ثانية (حتي جلست عند رأسه تمسح عنه التراب و تقول: هنيئا لك الجنة، فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمي رستم: اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه، فماتت مكانها) [8] شهيدة مع أصحاب الحسين عليه السلام.

و تطالعنا أيضا أم وهب بن حباب الكلبي و زوجته أيضا.. و يبرز مشهد جدير بالملاحظة.. فعندما برز وهب للقتال و قتل جماعة من أعدائه رجع الي أمه قائلا: أرضيت عني أم لا..

وه هنا يرتفع صوتان متباينان، صوت الأم و هي تقول: لا أرضي حتي تقتل بين يدي الحسين ابن بنت رسول الله، و صوت الزوجة التي توشك أن تري نفسها وحيدة دون زوجها و هي تقول: بالله عليك لا تفجعني بنفسك.. و هنا تحثه أمه علي الرجوع والقتال بين يدي الحسين عليه السلام.

و قد رجع و قاتل حتي قتل.

و كان رد فعل الأم و الزوجة كلتاهما هو رغبتهما في الذهاب الي الساحة بنفسيهما للقتال، و قد ردهما الحسين عليه السلام الي مخيم النساء.

لقد رأتا عدالة قضية الحسين عليه السلام و كانت من الوضوح لديهما حتي أنهما حسبتا أن علي كل فرد أن يشارك فيها حتي ولو كان امرأة لم تكلف بالقتال قبل ذلك. [9] .

ونري أم الشاب الذي قتل أبوه في المعركة، وقد حثته علي الخروج والقتال بين


يدي الحسين عليه السلام.. و اذ أن هذه المرأة فقدت زوجها، فقد كان من المتوقع أن تكون حريصة علي حياة ابنها.. لذلك فان الامام الحسين عليه السلام حاول منعه من القتال قائلا: (هذا شاب قتل أبوه، و لعل أمه تكره خروجه..) [10] الا أن الشاب أصر علي المشاركة بالقتال، و قال للحسين عليه السلام: أمي أمرتني بذلك.. فبرز و هو يقول:



أميري حسين و نعم الأمير

سرور فؤاد البشير النذير



علي و فاطمة والداه

فهل تعلمون له من نظير



له طلعة مثل شمس الضحي

له غرة مثل بدر منير [11] .



و عندما قتل هذا الشاب، حاولت تلك المرأة الباسلة أن تحمل علي أعداء الحسين و تقاتلهم الا أن الحسين عليه السلام أمر بصرفها، و دعا لها.


پاورقي

[1] الطبري 302/3 وابن الأثير 278/3 و الخوارزمي 1/ف 11 و روضة الواعظين ص 278 و أنساب البلاذري 168/3 والارشاد 205 مع اختلافات يسيرة و قد تعرضنا للقصة کاملة عند استعراض سيرة زهير بن القين.

[2] الطبري 302/3 وابن الأثير 278/3 و الخوارزمي 1/ف 11 و روضة الواعظين ص 278 و أنساب البلاذري 168/3 والارشاد 205 مع اختلافات يسيرة و قد تعرضنا للقصة کاملة عند استعراض سيرة زهير بن القين.

[3] الطبري 321/3.

[4] الطبري 321/3.

[5] الطبري 321/3.

[6] الطبري 326-322/3 والنويري 450/20 وابن الأثير 291/3 والخوارزمي 13/2 والبحار 17-16/45.

[7] الطبري 326-322/3 والنويري 450/20 وابن الأثير 291/3 والخوارزمي 13/2 والبحار 17-16/45.

[8] الطبري 326-322/3 والنويري 450/20 وابن الأثير 291/3 والخوارزمي 13/2 والبحار 17-16/45.

[9] راجع المصادر التي تطرقنا اليها في هذا الفصل و يراجع مقتل الحسين / السيد محمدتقي آل بحرالعلوم 395-394 والبحار 18-17.

[10] البحار 28-27/45 والخوارزمي 22-2 و مناقب ابن شهر آشوب 104/4.

[11] البحار 28-27/45 والخوارزمي 22-2 و مناقب ابن شهر آشوب 104/4.