بازگشت

حزنت علي الحسين أكثر من حزنها علي ابنها الذي استشهد


في المعركة

لقد تحملت زينب عب ء المحافظة علي الجمع المتبقي بعد تلك المذبحة، وكان لا بد لها أن تنفذ وصايا الامام الحسين عليه السلام، و الا لكانت الخسارة أبلغ...


و لم يكن تحمل ذلك مما تقدر عليه المرأة العادية ذات الرقة والجزع، مع أن أبلغ المشاعر الانسانية الحساسة و الرقة والعطف كانت تجيش بين جنبي تلك المرأة العظيمة.

و لنتصور موقفها أمام نساء فقدن أبناءهن و أزواجهن و اخوتهن و أطفال فقدوا آباءهم و اخوتهم، كما أنها هي نفسها في خضم خسارتها الكبيرة لأخيها الحسين عليه السلام و ولديها و اخوتها الآخرين و أبناء اخوتها.. و قد قامت تتحمل كل ذلك و تكبت مشاعرها و تغالب حزنها و دموعها لتدير شؤون ذلك الحشد من الأطفال المروعين والنساء المرعوبات الحزينات و تخفف عنهم آلام المصيبة، و متاعب الأسر و السفر و وعثاء الطريق و غلظة المرافقين، لنستطيع بالتالي تقدير المهمة الكبيرة التي قامت بها، اضافة الي مهمتها الأخري في استمرار عرض قضية الحسين عليه السلام أمام الرأي العام كقضية الاسلامية كبيرة تستهدف خلاص جميع المسلمين من ربقة الحكم الأموي الجائر و أغلاله، من خلال خطبها و حواراتها و مواقفها.

و هنا نشير الي موقف جدير بالتأمل، فقد قتل أحد أولادها (عون ابن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب) في المعركة، و هو الشاب الذي حمل رسالة أبيه عبدالله بن جعفر مع أخيه محمد (لأبيه)، والتحق به فقتلا جميعا، و كان حريا بعاطفة الأموية أن تثير أحزان لاأم المفجوعة علي ولدها ليكون حزنها عليه أكثر من أي حزن آخر، و مع ذلك فان حزنها علي الحسين عليه السلام فاق كل حزن آخر، و قد علمت مبلغ الخسارة التي منيت بها الأمة كلها بفقده، اذ أقدمت علي قتله بتلك الطريقة المنكرة.