بازگشت

لماذا أخذ الحسين عياله و أطفاله الي كربلاء


لقد كان وجود بنات أميرالمؤمنين عليه السلام و عقائل آل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم في ذلك الموكب، اشعارا لنساء الأمة، و نساء الكوفة علي وجه الخصوص، بأهمية المهمة التي كان يشخص اليها الامام عليه السلام، و ايذانا بمرحلة جديدة يقمن فيها بحث و تشجيع أبنائهن و أزواجهن و اخوتهن و آبائهن علي الالتحاق به و عدم التخلي عن نصرته، خصوصا و أنهم كتبوا اليه يعدونه تلك النصرة.

كان الحسين عليه السلام ينشد من وراء جلب عائلة معه الي اشعار الجميع، و خصوصا أهل الكوفة أنه قد انتقل اليهم بشكل نهائي، و أنه لم يجعل أي خط للرجعة، و سيواجه معهم كل المتاعب المحتملة و كل الظروف المؤلمة. اضافة للأسباب الأخري التي تحدثنا عنها في الفصل الثامن.

قال مخاطبا جنود الحر بن يزيد، عندما أراد الحر اجباره علي التوجه الي الكوفة والاستسلا لابن زياد، و ذلك في معرض حثهم علي الالتحاق به و ترك جانب


الدولة الظالمة. (فأنا الحسين بن علي، وابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، نفسي مع أنفسكم، و أهلي من أهليكم، فلكم في اسوة) [1] .

لم يترك عائلته و نساءه في أمن ودعة في بيوتهن و مساكنهن في المدينة أو لدي بعض أقاربه في مكة، و جاء مع أصحابه و أهل بيته فقط ليخوض حربه ضد الدولة الظالمة في الكوفة ليعرض أهلها لردفعلها العنيف الذي قد يعرض عوائلهم للأذي،لم يأت اليهم منفردا اذ أن ذلك قد يوحي اليهم بأنه يريد أن يجعل من مدينتهم ساحة حرب، و أنه قد يتراجع في أية لحظة قبل أن يواجه جيشا قويا محتملا.

أما وقد جلب معه عياله و أطفاله، فكأنه قد عقل بعيره أو عفر فرسه منذ البداية و جاء الي مقره الأخير، فأما أن يسيطر و يستقر ويحكم باسم الاسلام، و أما أن يقتل و لا سبيل بين هذين، فكيف يمكن لشخص مثل الحسين عليه السلام الهرب و ترك عياله رهائن في أيدي أعدائه، و في هذا ما فيه من الخزي و الذلة؟ و كيف سيكون الأمر اذا ما كان هذا الشخص هو امام الأمة الشرعي و ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أميرالمؤمنين عليه السلام؟.

و هكذا تبين لنا سبب رفضه اقتراح ابن عباس أن يبقي عياله في مكة فلا يأخذهم معه الي الكوفة و اجابته اياه(شاءالله أن يراهن سبايا) فاذ تقوم أمة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بسبي عياله و استهدافهم بالأذي والشر. فان ذلك سيكون ادعي لوضوح قضيته، و سيبرز العدوان عليه و علي الاسلام بأجلي صورة.

لقد كان لمسيرته طابعها التحريضي المحتج أمام الأمة كلها، اذ لم يكن خروجه عملا عسكريا محدود الأهداف و لم تكن حربه من تلك الحروب التي لا يتمكن أحد من تفسيرها أو فهمها أو معرفة دوافعها و مبرراتها، و انما كانت حربا واضحة، خاضها عندما رأي أن الاسلام مستهدف من قبل أعدائه الحاقدين، و ألقي فيها بكل ثقلة.و كان من أخذهم معه من الصبية والنساء والأطفال صوتا اعلاميا قويا و مؤثرا في الأمة كلها بدء منذ اللحظة التي بدأت فيها مسيرة الرجوع المعاكسة من كربلاء الي الكوفة ثم الي المدينة مرورا بالشام مقر السلطة، و قد ظل صداه يتردد ليهز عرش الدولة الأموية و ليبدأ باقتلاعها منذ ذلك الحين، و كان من حضروا المعركة من النساء والأطفال


و بعض من سلموا من القتل شهودا رووا و قائع تلك المعركة و ما قام به كل فرد من أصحاب الحسين عليه السلام فيها و نبهوا الأمة الي العنف الأموي الذي كان يستهدف كل أبنائها مهما كانت مراكزهم و مواقعهم.

و كانت خطب زينب عليه السلام و احتجاجاتها و مواقفها و حواراتها مع ابن زياد و يزيد وكلماتها في الكوفة والمدينة بعد ذلك عاملا علي توعية الناس و تبصيرهم بالخطر الأموي المحدق، و تأجيج السخط والنقمة ضد الدولة الأموية الظالمة.


پاورقي

[1] الطبري 307/3.