بازگشت

في مواجهة العاصفة.. مع الحسين في كل الظروف


زني ابنة أميرالمؤمنين كانت في مقدمة النساء اللواتي ضمهن ركب الحسين عليه السلام و كان لها حضور واضح في بعض المواقف الدقيقة و منها المواقف الذي استطاعت فيه الدفاع عن الامام زين العابدين عليه السلام - الامام الفعلي للأمة بعد استشهاد والده الحسين عليه السلام - امام ابن زياد، و منع هذا الأخير من قتله بعدما استمع لأقواله التي لم يكن يتوقع أن يسمع مثلها ممن كانوا في موقفه و منها موقفها أمام يزيد و أهل الشام بعد ذلك.

و لو تأملنا الظروف التي أحاطت بخروج الحسين عليه السلام من المدينة و حتي وصوله كربلاء، مرورا بمكة المكرمة، لرأينا أن تلك الرحلة كانت محفوفة بالمخاطر والمتاعب منذ بدايتها، و أن الامام كان يتعرض لخطر الموت والاغتيال علي يد أعوان السلطة الأموية، لذلك فانه خرج علي عجل بنسائه و أطفاله و أصحابه، و لا يخفي أن محاولات عديدة جرت لمنعه من الخروج من كلتا المدينتين.

و قد رأينا أن التحذيرات التي تواردت علي الحسين كانت كلها تشير الي أنه مقدم علي مجازفة كبيرة، قد يقتل فيها هو و أصحابه اذا ما سار الي العراق كما أن منها


ما أرادت منعه من أخذ النساء والأطفال كتحذيرات ابن عباس في مكة [1] الا أن الامام أصر علي أخذهم معه، و قد أخذهم فعلا.

و كانت المرحلة العصيبة من الرحلة، هي التي بدأت عند ورود الخبر بمقتل مسلم بن عقيل و هاني ء بن عروة و انتهت بوصول الحسين و أصحابه عليه السلام كربلاء و خوضهم معركة الطف الدامية ضد أعوان السلطة الأموية.

و هنا لا بد لنا من ملاحظة أن النساء اللواتي كن برفقة الحسين عليه السلام لم يكن بعيدات عن ذلك الجو المنذر العاصف الذي تجمعت فيه غيوم الخطر المرتقب، و لم تكن التحذيرات التي وصلت أسماع الحسين و أصحابه، والأخبار التي وردتهم بعيدة عن أسماعهن، فكان من المتوقع في أمثال تلك الحال، أن يكن عامل تخذيل و تخويف لأولئك الذين عزموا علي مواصلة المسير، و مع ذلك فاننا لم نر في أية مرحلة من مراحل تلك الرحلة ما كان يدل علي ذلك.

و من المرجح أنهن كن عازمات علي مواجهة أي ظرف قد ينجم عن اكمال تلك المسيرة، و أنهن قد وطدن العزم علي ملاقاة المتاعب حتي و ان وجدن أنفسهن وحيدات الا من الصبية والأطفال، و حتي هؤلاء الصبية لم يتح لبعضهم العيش - فيما بعد - للرجوع معهن في طرق العودة المحزن.

و كانت مسيرتهن مع الحسين عليه السلام مسيرة ملحمية لا يقل عزمهن فيها عن عزم أولئك الرجال الذين وطنوا أنفسهم علي أن يلقوا ما يلقاه، و لم يغادروه كما فعل الأعراب الذين سمح لهم بمغادرته، لاعتقاده أنهم انما رافقوه لأنهم حسبوا أنهم سيجنون مكاسب مادية من مرافقته و أنهم سيقدمون علي بلد قد استقامت له طاعة أهله، و حتي لو لم يسمح الامام لأولئك الأعراب بمغدرته فأنهم كانوا سيغادرونه حتما، فالمهمة التي مضي اليها لم تكن في حدود استطاعتهم و وعيهم.


پاورقي

[1] تحدثنا في الفصل الثامن عن بعض الدوافع التي دعت الامام لأخذ عياله و نسائه و أطفاله معه عند ذهابه للعراق.