بازگشت

والنساء، نصرن الحسين أيضا


لانستطيع، في معرض الحديث عن ثورة الحسين، أن نتجاهل الدور الذي لعبته المرأة المسلمة في هذه الثورة.. سواء تلك التي تنتمي الي آل الحسين أو غيرها.

و كم كانت المآخذ كثيرة علي الرجال الذين تراجعوا تحت وطأة الخوف والذل الطمع، تلك العوامل التي كانت من نتاجات دولة الظلم الأموية، و استسلموا وانهزموا.. ثم اندفعوا بعد ذلك - أمام رغبات أسياهم الجدد - يحققون كل مشاريع أولئك الأسياد و رغباتهم المجنونة في السيادة والسيطرة والاثراء غير المشروع، و انقادوا أمامهم كقطعان من الأنعام المجردة من الحرية والارادة والرأي.. و قد لمس من بعضهم اندفاعا لا محدودا في الشر والعدوان سجل لهم كمبادرات شخصية، أرادوا بها التقرب من رؤوس الحكم، الا أنهم لم يستفيدوا منها لهذا الغرض شيئا، و لم يكن من شأنها الا أن تكشف معادنهم الرخيصة و فراغهم من كل مبادي ء الاسلام الكبيرة.

و سنجد أن للمرأة في هذه الثورة الكبيرة دورا بارزا مشرفا ظهر بشكل ملفت النظر حقا، و مع أن عدد من سنتكلم عنهن قليل في هذه الدراسة المحدودة، الا أن هذا كاف ليثبت لنا أن المرأة المسلمة عموما، و حتي المرأة الكوفية التي تخاذل رجلها و استسلم و تراجع و آثر الانحياز في النهاية الي جانب ابن زياد، كانت تقف موقفا عظيما لم يتح لكثيرين من الرجال أن يقفوه، حتي لقد فاقت كثيرات منهن الرجال الشجعان أنفسهم.

و لو استثنيا السيدة زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام باعتبارها ربيبة بيت الرسالة العظيم، و التي تميزت بما تميز به ذووها من ايمان و معرفة و شجاعة و بيان، فان مواقف النساء الأخريات و هن لسن من هذا البيت، قد دلت علي أنهن كهن متفوقات بشكل لا يوصف علي العديد من الرجال، بل علي أبناء الأمة المتخاذلة كلها، اذ لم


تستطع أن تقف مواقفهن المشرف في تلك الساعات العصبية التي أبدي أعداء الاسلام فيها نواياهم الحقيقية نحوه و كشروا عن أنيابهم بوجهه و بوجه قيادته الحقيقية الشرعية.

و لا شك أن مواقف تلك النسوة نابع من شعورهن العميق بمسؤلية التغيير والقضاء علي الانحراف، و من فهم واقعي لحقيقة الدور الذي ينبغي أني يلعبه المسلمون كافة، سواء كان رجالا أو نساء علي ضوء معطيات الاسلام و تصوراته ومثله.

و لم تكن المرأة المسلمة بمعزل عن الأحداث التي مرت بها، كما أنها لم تكن بعيدة التأثير علي مجريات بعضها، لذلك فان حضورها كان واضحا في بعض تلك الأحداث، بل و ملفتا للنظر و هذا ما سنجده فعلا خلال الحوادث التي رافقت ثورة الحسين و خلال المسيرة الملحمية من المدينة حتي كربلاء حيث استشهد هناك و بقية أصحابه و أنصاره.