حنظلة بن أسعد الشبامي
«يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب» و يشير موقف لحنظلة بن أسعد الشبامي الي حقيقة هذا الرجل و فهمه التام للمهمة الكبيرة التي كان يقوم بها الامام الحسين عليه السلام لمواجهة الانحراف المستشري والذي كاد أن يودي بالأمة و ينسف كل المكاسب التي حققتها في ظل الاسلام، كان نداء حنظلة في الجيش الضال نداء القرآن الكريم نفسه و كان خطابه يتضمن آيات منه بليغة تنسجم و تلك المناسبة التي ألقاها فيها، و كان ذلك يدل علي وعيه بالقرآن وفهمه له و حفظه و استيعابه، كما كان يدل علي حسه الرسالي المرهف ولهفته علي كسب الناس الي صف الاسلام و الي صف القيادة الحقيقية الشرعية للمسلمين.
جاء حنظلة بن أسعد الشبامي عند هجوم العدو الشامل - وقد رفض أسلوب المبارزة الذي كان يكلفه خسائر باهظة لا تنسجم و قلة أصحاب الحسين - فقام بين
يدي الحسين و أخذ ينادي: (يقوم اني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح و عاد و ثمود والذين من بعدهم و ما الله يريد ظلما للعباد و يقوم اني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم و من يضلل الله فما له من هاد) [1] .
يا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم الله بعذاب... (و قد خاب من افتري) [2] فقال له الحسين: يابن أسعد، رحمك الله، انهم قد استوجبوا العذاب حين ردوا عليك ما دعوتهم اليه من الحق، و نهضوا اليك ليستبيحوك و أصحابك، فكيف بهم الآن و قد قتلوا اخوانك الصالحين.
قال: صدقت، جعلت فداك، أنت أفقه مني و أحق بذلك، أفلا نروح الي الآخرة و نلحق بأخواننا؟.
قال: رح الي خير من الدنيا و ما فيها، و الي ملك لا يبلي.
فقال: السلام عليك يا أباعبدالله، صلي الله عليك و علي أهل بيتك، و عرف بيننا و بينك في جنته.
فقال: آمين آمين فاستقدم، فقاتل حتي قتل) [3] .
پاورقي
[1] غافر 33-30.
[2] طه: 61.
[3] الطبري 329/3 والخوارزمي 24/2 واللهوف ص 46 والبحار 24/45 و نهاية الارب 454/20.