بازگشت

لو وضع الحسين يده بيده يزيد لكان ذلك ايذانا بشرعية الحكم الأموي


لم تكن الأمة تحتاج لكي تعترف بشرعية النظام الأموي الا أن يضع الحسين عليه السلام يده بيد يزيد و يعترف به خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، لكي يعلن هذا أنه المخول المطلق للتصرف بمقدرات الناس و حياتهم دون قيد أو شرط، مدعيا أنه مفوض الهي، بل أنه ظل الله علي الأرض و من حقه أن يفعل أي شي ء دون التقيد بأي قانون أو شريعة، خصوصا و أن الطريق قد مهد له من قبل أبيه معاوية، الذي كانت مجمل تصرفاته خرقا واضحا لقوانين الاسلام، ليتمادي هو الي أقصي حد يتاح له.

و اذ أن الحسين عليه السلام رفض ذلك، و تحمل مسؤوليته أمام أجيال الأمة كلها، رغم ما في ذلك من خطر محقق علي حياته و أمنه، مدركا ان ذلك هو السبيل الوحيد الذي كان عليه انتهاجه، لمنع الخطر عن الأمة. فان هذه الفئة من الأمة، فئة الأنصار - أدركوا جسامة المهمة التي كان يقوم بها الحسين و جسامة التضحية التي كان يقدمها.

كانوا يرون أن قراره هو القرار الوحيد الذي كان عليه أن يتخذه.

و ان طريقه هو الطريق الوحيد الذي كان ينبغي عليه أن يسير فيه.

و كانوا يدركون حاجته - بل حاجة الاسلام - لمن يسير معه و يتخذ قراره و يعلن رفضه للنظام الأموي المنحرف، و ان كل فرد يسير معه سيكون شاهدا أمام أجيال الأمة كلها علي عدالة قضيته وصحة منهجه، لم تكن حاجته للرجال لكي يدافعوا عنه شخصيا و يمنعوا سفك دمه علي أرض كربلاء بل كانت حاجته لهم لشخصوا أمام الأمة مدافعين حقيقيين عن الاسلام، و ليثبتوا لها أن ما عجزت عنه قد قاموا هم به، و ما خافت من الاقدام عليه قد أقدموا عليه هم.

كان الاسلام بنظرهم - كما كان بنظر الحسين عليه السلام - يستحق ذلك الدم المسفوك، و يستحق أن يضحي من أجله لكي يظل باقيا يسود و يحكم من خلال القيادة الواعيد العادلة العالمة، من خلال القيادة الشرعية التي تلتزم بكل بنود الاستخلاف و عقوده و تعليماته، لا القيادة الفرعونية المتسلطة التي تري كل شي ء مباحا لها و تري نفسها مطلقة التصرف بعيدا عن أي قانون الهي، الا قانونها هي. قانون مصالحها و امتيازاتها و منافعها الشخصية.


كانت كل تصرفات أنصار الحسين عليه السلام في المعركة أو قبلها تدل علي وعيهم الخارق بأهمية الثورة الحسينية. أما ماذا كان يجيش بتلك القلوب الكبيرة التي أقدمت علي التضحية بكل ذلك الاندفاع والصبر. فلا بد أنه حب الله و حب الاسلام و حب قادتهم الحقيقيين.

و اذ أننا لا نؤرخ هنا - في هذه الدراسة المحدودة - لكل واحد منهم، فاننا نكتفي بعرض موقف لهذا أو قول لذاك نري من خلاله حقيقة أولئك البدريين الصابرين المجاهدين في سبيل الله و نصرة أوليائه. وليكن مدخلا لدراسة أوسع و أدق يقوم بها باحثون آخرون جديرة بهم و بمواقفهم الفريدة التي لم تشهد لها الأمة مثلا.