بازگشت

تعتيم علي السير الذاتية لابطال الطف


ولو أخذنا - علي سبيل المثال - اخوة العباس لأمه، عبدالله و جعفر و عثمان، لو رأينا أن استجابتهم الواعية له و تنفيذ أوامره والاقدام علي الاستشهاد بين يدي أخيهما و أمامهما الحسين عليه السلام و رفضهما التخلي عنه رغم الفرص التي أتاحها الامام نفسه لهم و رغم عروض الأمان التي قدمت لهم و جاء بها رجال مقربون من ابن زياد، تدل كلها علي حرصهم المؤكد علي الشهادة، و ادراكهم أنها فرصة نادرة تتاح لهم دون بقية الناس، و نحسب يقينا أنهم كانوا يقدمون عليها بفرحة غامرة و ان كان يغلفها الاسي والحزن علي هذه الأمة التي تنكرت للاسلام وقادته الحقيقيين فقامت تتصدي لهم بالسيف و تريد القضاء عليهم و ابادتهم، و تدل علي أن ذلك الحرص للاستشهاد بين يدي الحسين عليه السلام و تقديم أرواحهم فداء له و للاسلام لم يكن يقل عن حرص أخيهم العباس نفسه. غير أن مواقف العباس المعروفة، و هو الرجل القوي الناضج العالم ذو التجربة الطويلة والخبرة الواسعة، قد جعلت الأنظار تتجه اليه دون اخوته الذين تركوا له زمام قيادتهم و توجيههم.. مع أن ما كتب عن العباس - سواء خلال معركة الطف - أو قبلها كان يشكل غبنا كبيرا له، فشخصية مثل شخصيته ما كان لنا أن نعرف هذه المعلومات القليلة فقط عنها... غير أن الأوضاع التي تم فيها الحديث عنه و عن البقية من أصحاب الحسين، بل حتي عن الحسين نفسه كانت في غير صالحهم. و اذا أن الحديث عن حياتهم و شخصياتهم كان ناقصا مبتورا فان هناك من سعي في ظل تلك الأوضاع لتشويهها والنيل منها.

كل فرد من أنصار الحسين كان صديقا لم يخالج نفسه ريب أو شك بالاسلام و لا بالرسول صلي الله عليه و آله و سلم و لا بخلفائه الحقيقيين الذين سعوا لتثبيت دعائمه رغم الحملة المسعورة التي شنت عليهم من قبل أعداء الاسلام الذين جعلوا الناس عبيدا و كل ما صار في أيديهم مغنما و تسلطوا علي رقابهم بكل وسائل القهر و التسلط. و كان كل واحد منهم يدرك - في الجو المشوش المضطرب المشحون بالعداء للاسلام - و قد أتيحت له فرصة مرافقة الحسين عليه السلام و معرفة نواياه - ان عليه أن يكون بمستوي المهمة الكبيرة التي كان يقوم بها، و اذ أنهم علموا أنه كان يسعي لتقديم دمه و حياته ثمنا لها، أدركوا أنها فرصة نادرة تتاح لهم ليمتزج دمهم بدمه علي أرض كربلاء.. لأنها الفرصة الوحيدة التي يمكن بها لفت أنظار الأمة الي الأخطار الأموية المحدقة، كما أنها الفرصة الأخيرة.