بازگشت

موقفان: في بدر.. والطف.. عمير.. و برير هيا الي الجنة


وقد برز برير بن خضير في موقف رائع لا يمكن أن ينسي، و هو يذكرنا بموقف مماثل رائع لمقاتل بدري شهد معركة بدر و استشهد بين يدي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم.

فقبيل وقوع المعركة بقليل، (أمر الحسين عليه السلام بفسطاط فضرب له، ثم أمر بمسك، فميث في جفنه عظيمة أو صحفه، ثم دخل الحسين ذلك الفسطاط فتطلي بالنورة.. و عبدالرحمن بن عبد ربه و برير بن خضير الهمداني علي باب الفسطاط تحتك مناكبهما، فازدحما أيهما يطلي علي أثره، فجعل برير يهازل عبدالرحمن، فقال له عبدالرحمن: دعنا، فوالله ما هذه بساعة باطل.


فقال له برير: والله لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل شابا و لا كهلا، ولكن والله، اني لمستبشر بما نحن لاقون، والله ان بيننا و بين الحور العين الا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم، و لوددت أنهم قد مالوا علينا بأسيافهم) [1] .

كل ذلك فرحا بالموت، و استبشارا بما هو ملاقوه بعده، أية قوة هذه التي جاشت بين جنبي برير حتي جعلته متيقنا من صدق موقفه و سلامته، و متيقنا من مصيره السعيد في جنة الخلد؟.

كانت فرحته بالموت شبيهة بفرحة الصحابي البدري الشهيد عمير بن الحمام، أخي بني سلمة، و كان في يده تمرات يأكلهن، و كان يقاتل بين يدي الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و قد استمع الي كلامه صلي الله عليه و آله و سلم («والذي نفس محمد بيده، لا يقاتلهم اليوم رجل، فيقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، الا أدخله الله الجنة».

فقال عمير: بخ بخ، فما بيني و بين أن أدخل الجنة الا أن يقتلني هؤلاء، ثم قذف التمرات من يده، و أخذ سيفه، فقاتل القوم، حتي قتل، و هو يقول:



ركضا الي الله بغير زاد

الا التقي و عمل المعاد



والصبر في الله علي الجهاد

و كل زاد عرضة النفاد



غير التقي والبر والرشاد [2] .

لله در برير، ولله در عمير، فكأنما كانا يرددان كلاما واحدا ألقي في قلبيهما:



فما بيني و بين أن أدخل الجنة الا أن يقتلني هؤلاء.

ان بيننا و بين الحور العين الا أن يميل هؤلاء علينا بأسيافهم.

كانا مسرورين بذلك اللقاء، و كانا واثقين من مستقبلهما السعيد في الجنة، اذ كان أولهما يقاتل تحت لواء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم والثاني تحت لواء ابنه و خليفته، و من أصدق من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ابنه الحسين عليه السلام.؟.


پاورقي

[1] الطبري 318/3.

[2] الطبري 33/2.