بازگشت

مواجهة الموت لا تمنع من توجيه النصيحة للعدو


و قد رافق حبيب العباس و زهير بن القين و جماعة آخرين من أصحاب الحسين عليه السلام في مساء اليوم التاسع لمقابلة ابن سعد الذي بدأ هجومه علي مخيم الحسين بناء علي أوامر مشددة تلقاها من ابن زياد لمحاولة منعه من الهجوم و معرفة الدوافع التي دعته لذلك دون سابق انذار.

و قد استغل فرصة عودة العباس بجواب ابن سعد للحسين عليه السلام و حث زهير بن القين علي تقديم النصائح لابن سعد و أتباعه لكي يردهم عن عزمهم في قتال الحسين عليه السلام و يستميلهم الي جانبه.

قال لزهير بن القين: (كلم القوم ان شئت، و ان شئت كلمتهم) [1] .

و هو عرض مؤدب أراد فيه أن يقدم زهيرا لما علمه من اخلاصه في الذود عن قضية الحسين عليه السلام بعد أن كان يقف موقفا آخر منه. و لا بد أن كلامه سيكون مؤثرا و نافذا غير أن زهير - و قد عزم علي مخاطبة القوم فعلا - قابل عرضه المؤدب بعرض مؤدب آخر و قد أراده أن يكون هو البادي طالما أنه كان صاحب الاقتراح بذلك، فقال له:


(أنت بدأت بهذا، فكن أنت تكلمهم. فقال لهم حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عندالله غدا، قوم يقدمون عليه، قد قتلوا ذرية نبيه عليه السلام و عترته و أهل بيته صلي الله عليه و آله و سلم و عباد أهل هذا المصر المجتهدين بالأسحار، والذاكرين الله كثيرا) [2] .

كانت خطبة حبيب القصيرة التي قوطعت من قبل أحد أعوان ابن سعد، عزرة بن قيس الذي قال له عند وصوله هذا الحد منها: (انك لتزكي نفسك ما استطعت) [3] واضحة و صارمة بما فيه الكفاية لتلفت أنظار أولئك المضللين السائرين بركاب الدولة الظالمة والقادمين لقتال الحسين عليه السلام و تجعلهم يتراجعون و يتخلون عن ارتكاب جريمتهم النكراء.

و لعلها كانت تمهيدا لخطبة أخري مؤثرة، ألقاها بعده زهير بن القين، كما رأينا عند استعراض جانب من سيرة زهير.


پاورقي

[1] المصدر السابق 315/3.

[2] الطبري / المصدر السابق 315/3.

[3] الطبري / المصدر السابق 315/3.