بازگشت

بار بأبيه مسارع الي طاعة ربه


لم تهز التحذيرات العديدة التي وجهت للامام الحسين عليه السلام لمنعه من المسير الي الكوفة، عليا الأكبر، كما لم تهز أيا من أصحابه الآخرين، و قد علموا طبيعة العمل الذي كانوا بصدد القيام به. و لم يهن أو ينكل و يتراجع، بل مضي بكل ما تفرضه عليه واجبات البنوة البارة المخلصة و مقتضيات الولاء لامام الأمة المفروض عليها طاعته و اتباعه.

كان يعلم أنهم علي الحق ما دام والده عليه السلام قد علم ذلك وتيقنه.و اذ أن خط الدولة المنحرف كان يبتعد باضطراد عن الخط المحمدي العلوي المستقيم الذي نشأ في ظله أبوه و نشأ هو بعد ذلك عليه. و اذ أنه كان يعيش الأجواء التي تم فيها الانحراف و عاصر الأحداث والمتغيرات العديدة التي مهدت له و رسخته في ظل معاوية، و كان يتمتع بحصانة و وعي يتيحان له الصمود بوجه ذلك الانحراف و عدم الانحراف بتياره، بل و نقده و محاولة منعه، فانه كان يدرك الحاجة الماسة لتجاوز الحالة النقدية البحتة التي قد تكون مفيدة و قد لا تصمد طويلا، الي حالة فعل مؤثر كبير بل ثورة بوجه النظام، كتلك التي قام بها أبوه و كان هو أول مناصريها و جنودها.

كان يعلم أن تلك الثورة و تلك المسيرة نحو كربلاء سوف تحدثان أثرهما البالغ في الأمة. و أنهما لا بد أن توقظانها من سباتها، و تجعلانها تدرك الخطر الذي يحيق بها و يكاد يقضي علي وجودها كأمة اسلامية. كما انه كان يعلم أنهم مقبلون علي موت أكيد لأن رموز الدولة و أعوانها ما كانوا ليقبلون التنازل بسهولة عن امتيازاتهم وثرواتهم و مراكزهم التي حصلوا عليها بالقوة والخديعة والغدر، وأنهم سيلجأون الي نفس الأساليب التي لجأاليها مؤسس الدولة لمقاومة أي نقد أو توجيه أو ثورة من شأنها تقويم الانحراف أو منعه أو استئصاله.


و كانت كل تصرفات الامام عليه السلام و توجيهاته و أقواله تدل علي أنه كان يعد أصحابه لتقبل مصير القتل، و قد ساروا اليه بشكل طوعي و ارادي بعد أن أدركوا الحاجة اليه لانقاذ الأمة من مصير أشد ايلاما و أذي.

روي عقبة بن سمعان، و هو مولي للحسين عليه السلام شهد معه الطف و قد نجا من القتل بأعجوبة قال: