اغتالوه بعد أن لم يستيطعوا مواجهته
غير أن هؤلاء الأعداء، حينما لم يلجأوا الي المواجهة المباشرة معه و حينما لم يجرؤ أحد منهم علي الوقوف بوجهه، لجأوا الي أسلوب الغدر، و هو الأسلوب الذي طالما لجأ اليه رأس الدولة و مؤسسها نفسه و أصبح أمرا مقبولا طالما أنه كان يوفر عليها كل خسارة محتملة.
كمن له في الطريق زيد بن الرقاد الجهني و حكيم بن الطفيل السنبسي، و ضربه أحدهما علي يمينه فقطعها قبل أن ينتبه اليهما. [1] .
غير أنه استطاع أن يتدارك القربة و يحملها علي كتفه الأيسر، وكان ذلك يبدو
أمرا خارقا من رجل قطعت ذراعه اليمني. غير أن العباس كان يريد أن يحقق هدفا بدا له كبيرا جدا في تلك اللحظة، و هو ايصال الماء لأخيه الحسين عليه السلام.
كان يخوض سباقا ضاريا مع أعدائه. فلا بد من ايصال الماء و ان كان الثمن حياته، و قد أنشد في تلك اللحظة أيضا:
(والله ان قطعتموا يميني
اني أحامي أبدا عن ديني
و عن امام صادق اليقين
نجل النبي الطاهر الامين) [2] .
و يبدو أن أعداءه أرادوا استثمار فوزهم وضعفه عن القتال، فكمن أحد عدويه الغادرين حكيم الطفيل وراء نخلة و ضربه علي شماله فقطعها من الزند أيضا... و في تلك الحال أنشد.
يا نفس لا تخشي من الكفار
و أبشري برحمة الجبار
مع النبي المصطفي المختار
قد قطعوا ببغيهم يساري
فأصلهم يا رب حر النار [3] .
پاورقي
[1] البحار 40/45 والارشاد ص 255 و مناقب ابن شهر آشوب 108/4.
[2] نفس المصادر السابقة.
[3] نفس المصادر السابقة.