بازگشت

كنت عثمانيا فأصبحت حسينيا


كان كلام زهير ضربة موفقة. فاذا لم يكن - من قبل - من شيعة أهل هذا البيت، و كان عثمانيا، و أصبح الآن من شيعتهم و أول المدافعين عنهم والباذلين نفوسهم لحمايتهم و دفع الأذي عنهم؛ فلا بد أن أمرا ما دعاه لذلك. فهو لم يكن ساذجا و جاهلا للدرجة التي تجعله يتأثر بسرعة بما يقال له و ما يعرض عليه من آراء و أفكار. و انما كان يتمتع بوعي استثنائي أتاح له مشاهدة الموقف علي حقيقته و تقويمه، ثم الوقوف منه موقفا مناسبا.


فهو لم يختر جانب الحسين عليه السلام لأنه كان يتمتع بقوة تفوق قوة عدوه و تتيح له الغلبة عليه، و انما اختاره رغم المخاطر المحتملة، بل المؤكدة، لأنه الجانب الذي كان ينبغي عليه أن يختاره، مع أنه لم يكاتبه من قبل أو يدعوه للحضور الي الكوفة. و كانت اللحظات القصيرة التي جمعت بينهما في الطريق كافية لكي يدرك أنه الممثل الحقيقي لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أنه كان يتصدي لأكبر مهمة من شأنها أن تنقذ الأمة من استسلامها و حذرها و نومها، و أن علي كل من يدعي انتماءه للاسلام و حبه لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أن يقف معه و ينصره. و يكون من حزبه، حزب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و حزب المسلمين جميعا، لا حزب دولة الانحراف والظلم والشرك، و أن يدافع عنه و يجعل نفسه و دون نفسه. و لئن لم يدركوا هم ذلك و تجاهلوه، فقد أدركه هو و وعاه و تصرف علي أساسه. و حافظ علي ما ضيعوه من فرصة كبيرة للوقوف الي جانب الحسين عليه السلام لانجاز تلك المهمة الكبيرة. مهمة انقاذ الأمة من الانهيار والسقوط النهائي.