بازگشت

انحازوا للحسين في صبيحة المعركة يا رب اني للحسين ناصر


و قبيل بدء المعركة، بل في صبيحتها، و كان جيش ابن زياد يستعد لتوجيه ضرباته القاتلة للحسين و أصحابه عليه السلام أدرك جماعة من أفراد هذا الجيش نفسه بعد أن كانوا من قادته و مقاتليه. أن عليهم، رغم كل ما سيلقونه، و هو الموت المحتم - أن يلتحقوا بالحسين عليه السلام ليموتوا معه.

التحق به الحر بن يزيد الرياحي، و سنتحدث عن أمره بالتفصيل بعون الله، والتحق به يزيد بن المهاصر، و هو أبوالشعثاء الكندي. و كان ممن خرج مع عمر بن سعد الي الحسين ثم مال اليه فقاتل معه حتي قتل.

لقد (جثا علي ركبتيه بين يدي الحسين عليه السلام فرمي بمائة سهم، ما سقط منها خمسة أسهم، و كان راميا، فكان كلما رمي قال: أنا ابن بهدلة، فرسان العرجلة، و يقول حسين: اللهم سدد رميته، واجعل ثوابه الجنة. فلما رمي بها قام فقال: ما سقط منها الا خمسة أسهم، و لقد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر، و كان في أول من قتل. و كان رجزه يومئذ:



أنا يزيد و أبي مهاصر

أشجع من ليث بغيل خادر



يا رب اني للحسين ناصر

ولابن سعد تارك و هاجر [1] .



(و كان مع عمر بن سعد ثلاثون رجلا من أهل الكوفة. فتحولوا مع الحسين فقاتلوا) [2] .

و مهما يكن من أمر هذا الخبر الذي ورد في بعض الكتب التاريخية، فان ما ورد في معظم هذه الكتب حول عدد من قتل من أصحاب الحسين عليه السلام، يجعل منه خبرا ضعيفا. و ربما لم تتح لهؤلاء الرجال فرصة اللقاء بالحسين عليه السلام و ربما تركوا جيش ابن سعد دون أن يقاتلوا الحسين عليه السلام.


و لو أنهم التحقوا بالحسين عليه السلام و قاتلوا معه و جري عليهم ما جري علي أصحابه من قتل و تقطيع الرؤوس لما ضاع خبر ذلك و لأوردته كل كتب التاريخ التي عنيت عناية فائقة بذكر تقاصيل المعركة و أسماء من قاتلوا مع الحسين عليه السلام. و كان العدد النهائي سيرجح العدد الذي ذكر لنا.

غير أننا نعتقد أن هؤلاء حاولوا الالتحاق بالحسين عليه السلام فعلا، الا أنهم منعوا، فجري قتال بينهم و بين من حاولوا أن يمنعوهم، و ربما أخذتهم قبائلهم المشتركة في قتال الحسين عليه السلام و دفنتهم دون أن تقطع رؤوسهم.

علي أن ذلك يدلل علي أن فئة كبيرة من الجيش ربما كانت ستنحاز الي جانب الحسين عليه السلام، لو تركت له و لأصحابه حرية مخاطبتهم و اقناعهم. كما حاولوا ذلك فعلا.. ولو لم يلغم ابن زياد جيش ابن سعد بجماعة كبيرة من أعوانه وعيونه و جواسيسه يردوهم عن ذلك، مثل شمر والحصين بن تميم و عمرو بن الحجاج و غيرهم من أشراف الكوفة كما نري ذلك من خلال الاطلاع علي تفاصيل الواقعة.


پاورقي

[1] الطبري 330/3.

[2] العقد الفريد 121/5 و الطبري 3.