بازگشت

اشراف الكوفة تنكر لقيم الشرف اضمار الغدر والخديعة


وقد رأينا كيف تراجع عن الحسين عليه السلام العديد ممن كتب اليه و أبدي استعداده للوقوف في صفه مثل شبث بن ربعي الذي قاتل مع أميرالمؤمنين عليه السلام من قبل في صفين، و حجار بن أبجر و قيس بن الأشعث و يزيد بن الحارث و عزرة بن قيس و عمرو بن الحجاج الزبيدي، و محمد بن عمير التميمي [1] و غيرهم كثيرون. و لم يكتفوا بالتراجع عنه، حتي كانوا بعد ذلك في مقدمة من حرضوا عليه و كانوا ضمن قادة الجيش الذي قاومه و قتله فيما بعد.

و لعلهم منذ البداية لجأوا الي سياسة اللعب علي الحبلين و أضمروا الغدر والخديعه اذ رأوا أن الأمور ليست في صالح الحسين عليه السلام؛ و اذا كان هناك فوز محتمل للحسين عليه السلام في تلك المعركة، فانهم لم يريدوا أن يحرموا من المشاركة


فيه، و هكذا كتبوا اليه، عازمين علي انكار ذلك اذا ما كانت الغلبة ليزيد، و قد فعلوا و أنكروا رسائلهم و كانوا أشد علي الحسين و أصحابه عليه السلام من بعض من لم يكاتبوه و لم يعدوه النصرة والوقوف الي جانبه.

علي أننا رأينا أن بعض من كاتب الحسين عليه السلام من أهل الكوفة قد صمدوا علي موقفهم و ظللوا ثابتين عليه و استشهد بعضهم أما مع مسلم كهاني ء بن عروة أو مع الحسين عليه السلام في الطف كعابس بن أبي شبيب الشاكري، الذي أعرب منذ البداية عن شكه بأهل الكوفة الا أنه أبدي استعداده لنصرة الحسين عليه السلام، و بقي ثابتا علي موقفه. كما سجن بعضهم و هرب آخرون الي أماكن أخري.

الا أن موقف هاني ء و جماعة من أصحابه، ممن صمدوا لابن زياد، ثم قتلوا قبل مقدم الحسين عليه السلام الي كربلاء، لم يستطع أن يستر الخلل الكبير الذي شعر به مسلم عندما تخلت عنه الجماعة التي بايعته للحسين عليه السلام، و هي أغلبية مقاتلة رفعت السلاح معه فعلا بوجه ابن زياد، الا أنها سرعان ما تخلت عنه تحت تأثيرات (الأشراف) والرؤساء والمتنفذين المقربين للسلطة و تأثير الوعيد و الارهاب والتلويح بالرشوة والوعود، و هو ما تحدثنا عنه في غضون هذه الدراسة باسهاب.


پاورقي

[1] و کانوا قد کتبوا اليه عليه‏السلام: (أما بعد فقد اخضر الجناب، و أينعت الثمار، و طمت الجمام، فان شئت فاقدم علي جند لک مجند). الطبري 278/3.