بازگشت

قبول يزيد خليفة الوصول الي قرار الهاوية


و لا أدل علي انحدار الأمة و وصولها الي قرار الهاوية، من قبولها يزيد اماما لها و قائدا و خليفة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نفسه، و قد علمت أن يزيد ليس له من المؤهلات ما يتيح له أن يكون حتي كاتبا للخراج في أصغر مدينة اسلامية. بل ان الأمر تعدي ذلك حتي ليمكن القول أنه جمع من المساوي ء والعيوب ما لا يمكن معه الادعاء أنه ينتمي للاسلام أصلا. و مع ذلك، فقد استدرج معاوية الأمة و أوصلها الي حال قبلت فيه يزيد. و ذلك بفعل مبرمج مخطط له، مرصودة له امكانات هائلة ذكر لنا التاريخ تفاصيلها و مفرداتها بوضوح و سرد مفصل، و قد فعلت أحداث عديدة فعلها لمساعدة معاوية في مسعاه القاتل والفاضح الذي كانت أول نتائجه قيام حفنة بعيدة عن الاسلام و قيمه و تصوراته و أخلاقه باحتلال مراكز القيادة الاسلامية والتمهيد لفئات مشابهة و ربما أكثر انحدارا و انحرافا لاحتلال مراكز مماثلة فيما بعد.

كان وجود يزيد خليفة نكسة خطيرة لم يحس بها المسلمون الا احساسا ضعيفا بتأثير معاوية الذكي الماكر المتمكن الغني، و كان يكفي لتخليصهم من ذلك مجرد


القيام بالتنبيه الي خطورة الحال أو الدعوة المتخفية المتسترة لانقاذ أنفسهم مما وقعوا فيه.

كان لا بد من فعل حاسم جري ء غير مألوف، يلفت نظر الأمة الي خطورة حالها و أوصاعها و لا بد لمن كانوا يريدون القيام بذلك الفعل، أن يكونوا أمثلة حية و ناطقة علي ايمانهم بالاسلام و تجسيده في سلوكهم و أخلاقهم، و بجدوي ما يقومون به، و التضحية في سبيله؛ ان كانوا حقا يريدون اعادة الأمور الي نصابها، و اعادة الاسلام الي موقعه الأول في الحياة و في نفوس المسلمين.

و ينبغي أن لا يعير أولئك اهتماما لما سوف يقع لهم، عند محاولتهم التصدي لهذه الدولة الظالمة، حتي و ان قتلوا و استؤصلوا، فالاسلام قد وجد وانتشر و حكم، غير أن مكاسبه قد سرقت والمسلمين قد غدر بهم.

فاذا ما قتلت حفنة صغيرة في سبيل الاسلام، فان ذلك سيدعو الآخرين في كل مكان و زمان للتأمل في أسباب ذلك و دوافعه، و سيدفعهم الي اعادة النظر بمواقفهم و حياتهم في ظل دولة الظلم والجور والانحراف التي تقام علي انقاض دولة الاسلام و سيدفع كثيرين الي انتهاج نفس الموقف الذي وقفه الرجال المضحون بأنفسهم لاعادة الاسلام الي موقعه الصحيح.

لم تكن مهمة أولئك الرجال الذين أرادوا تغيير حال الأمة و انتشالها من ورطتها و تخليصها من محنتها، و هم يتلقون التوجيهات والعون من الامام الحسين عليه السلام حفيد الرسول الكريم صلي الله عليه و آله و سلم و ابنه وصيه، لتقل عن مهمة أولئك الرجال الأوائل الذين تلقوا التوجيهات والعون والدعم من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مباشرة.