بازگشت

شمر بن ذي الجوشن


جعل قضية دولة الظلم قضيته الشخصية

كان منظر شمر و رجاله و هم يحيطون بالامام الحسين عليه السلام بعد أن اثخن بالجراح منظرا رهيبا، فهؤلاء قتلة تطوعوا لتنفيذ الجريمة التي ما كان أحد يحسب أن امرءا ما يدعي الاسلام يمكن أن يقدم عليها، و كان الحسين عليه السلام (يقاتل علي رجليه قتال الفارس الشجاع، يتقي الرمية و يفترص العورة، و يشد علي الخيل) [1] .


و اذ أنهم كانوا مصممين علي قتله و كانوا يتحاثون علي ذلك، فانه كان يريهم أي مصير مرعب سيصيرون اليه اذا ما نفذوا جريمتهم، اذ أنهم سيقتلون أعز و أكرم انسان عند الله. بقية النبوة و سلالة خاتمها، و عيبة علم الله.

فأي دم سيكون مصانا بعد ذلك اذا ما أهدروا دمه.

كان صوته يعلو علي أصواتهم و صحبتهم، (أعلي قتلي تحاثون؟!

أما و الله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله، الله أسخط عليكم لتقله مني، و أيم الله اني لارجو أن يكرمني الله بهوانكم، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون، أما و الله أو لو قد قتلتموني، لقد ألقي الله بأسكم بينك، و سفك دماءكم، ثم لا يرضي لكم، حتي يضاعف لكم العذاب الأليم) [2] .

و لا نحسب أن كلاما كهذا سيكون عديم التأثير علي أناس، اللهم الا أن يكونوا قد ألحدوا و انكروا الله أو أنهم لم ينتموا الي جنس البشر، و كانوا مجردين من كل احساس انساني. أو أنهم قد باعوا أنفسهم لارداة شريرة باغية تسعي لهدم الاسلام و غزو معاقله الكبري.

و ربما كان لكلام الحسين عليه السلام فعلها المؤقت فيهم، و ربما كفوا عنه ليفكروا بمغزي كلماته، و قد ادركوا أنها الصواب حتما (فلقد مكث طويلا من النهار، و لو شاء الناس أن يقتلوه لفعلوا، و لكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، و يحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء) [3] .. فالجريمة كانت عظيمة، حتي بنظر قتلة متمرسين أمثالهم، و ربما نظر بعضهم الي أبعد من تلك اللحظة.

و لم يكن ذلك الوضع الذي أحجم فيه الناس عن قتل الحسين عليه السلام مما يسر شمر، و قد نصب من نفسه ممثلا لابن زياد، و جعل القضية تبدو و كأنها قضيته شخصيا، و كأن الحسين عليه السلام كان يستهدفه بالأذي هو بالذات، مع أن ابن زياد قد لا يطمع منه أنه يفعل أكثر ممن فعل. و هكذا قام بتحريضهم عليه مرة أخري و أمرهم بالاجهاز عليه. (فحمل عليه من كل جانب.


فضربت كفه اليسري ضربة؛ ضربها زرعة بن شريك التميمي... و ضرب علي عاتقه..

ثم انصرف و هو ينوء و يكبو، و حمل عليه في تلك الحال سنان بن أنس به عمرو النخعي، فطعنه بالرمح فوقع، ثم قال لخولي بن يزيد الأصبحي، احتز رأسه، فأراد أن يفعل، فضعف فأرعد، فقال له سنان بن أنس: فت الله عضديك، و ابان يديك، فنزل اليه و احتز رأسه ثم دفع الي خولي بن يزيد، و قد ضرب قبل ذلك بالسيوف) [4] .


پاورقي

[1] الطبري 334 / 3.

[2] الطبري 334 / 3 و راجع المصادر السابقة التي ذکرناها عند التعرض لقتله عليه‏ السلام و الروايات العديدة التي أشارت لذلک مع بعض الاختلافات البسيطة حول أدوار القتلة و في مقدمتهم شمر و سنان....

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.