بازگشت

رضي بن معقل العبدي..


و كعب بن جابر الأزدي هل هذا هو الوفاء؟

فاذا كان برير ينضنض سيفه من راس ابن معقل، حمل عليه رضي بن منقذ العبدي فاعتنقه فاعتركا ساعة ثم أن بريرا قعد علي صدره و كاد أن يقتله لو لم يستنجد رضي بالآخرين، الذين تقدم أحدهم كعب بن جابر الأزدي و اغتال بريرا بعد أن طعنه بالرمح في ظهره، رغم تحذير أحد أصحابه الذي قال له: ان هذا برير بن خضير القاري ء الذي كان يقرئنا القرآن في المسجد.

و قد حاول كعب تبرير جريمته فيما بعد بقوله: (يا رب أنا قد وفينا، فلا تجعلنا يا ربك كمن غدر) [1] .

و قد رد عليه أحد معارفه قائلا: (صدق، و لقد وفي و كرم، و كسبت لنفسك شرا. قال: كلا، اني لم اكسب لنفسي شرا، و لكني كسبت لها خيرا) [2] .

و لا ندري كيف سيكون حسابه بعد ذلك، و هل يجرؤ علي ترديد ما ردده هنا، و هل سيقول كما قال بعد جريمته:



معي يزني لم تخنه كعوبه

و ابيض مخشوب الغرارين قاطع



فجردته في عصبة ليس دينهم

بديني و اني بابن حرب لقانع



و لم تر عيني مثلهم في زمانهم

و لا قبلهم في الناس مذ أنا يافع



أشد قراعا بالسيوف لدي الوغي

الا كل من يحمي الذمار مقارع



و قد صبروا للطعن و الضرب حسرا

و قد نازلوا لو أن ذلك نافع



فأبلغ عبيدالله اما لقيته

بأني مطيع للخليفة سامع) [3] .



أنه يعلم حقيقة الذين يقاتلهم، و لم ير في حياته حماة لذمار أشد قراعا بالسيوف لدي الوغي منهم، كما أنه يعلم أنه ليس مثلهم، و ليس دينه دينهم، غير أنه يعبر هنا عن حقيقة موقفه، فهو يتبني خط الدولة التي يقودها يزيد، و هو قانع به ما دام هو التسلط علي رقاب الناس، و هو يرسل رسالة عبر عبيدالله بن زياد اليه بأنه مطيع


سامع منفذ لكل ما تريده الدولة منه، هذه الدولة التي كان يراها قوية صامدة بوجه أعدائها حتي و ان كانوا أمثال هؤلاء الناس الرساليين الذين دافعوا عن الاسلام ببسالة، غير أنه يرضي أيضا أن بسالتهم و صبرهم لا جدوي منهما بذلك كا كعب يحاول تبرير جريمته، فهو يتضاءل و يتصاغر أمام قوة الدولة و سلطانها و امكاناتها، و يري أن ذلك من أهم المبرات التي تتيح له الانساق وراءها مطيعا اياها طاعة عمياء.

و قد حاول هنا أن يتناس موقعه التطوعي الذي لم يجبره عليه أحد من قادة الدولة أو أشرافها، عندما أقدم علي قتل برير بتلك الطريقة الغادرة، و لم يعقب عليه الا بقوله أنه لما كان أحد الأفراد المطيعين للدولة، فانه قتل عدوها برير، و قد أراد بذلك تحميل رضي بن منقذ العبدي نعمة تخليصه من الموت المحقق علي يد برير، عندما طلب المساعدة و نادي: أين أهل المصاع و الدفاع؟



قتلت بريرا ثم حملت نعمة

أبا منقذ لما دعا: من يماضع؟ [4] .




پاورقي

[1] الطبري 323 / 3.

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق 323 / 3.