بازگشت

يزيد بن معقل


الشاهد علي نفسه بالكذب، مات ببغيه و كذبه

و يبرز مشهد جدير بالملاحظة أيضا، روي أحداثه لنا زهير بن أبي الأخنس، و كان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام، فقد خرج أحد جنود بن سعد، و اسمه يزيد بن معقل، و توجه بخطابه الي برير بن خضير قائلا: (كيف تري الله صنع بك؟


قال: صنع الله بي خيرا، و صنع الله بك شرا.

قال: كذبت، و قبل اليوم ما كنت كذابا، هل تذكر و أنا أماشيك في بني لوذان، و أنت تقول: ان عثمان بن عفان كان علي نفسه مسرفا، و ان معاوية بن أبي سفيان ضال مضل، و ان أمام الهدي و الحق علي بن أبي طالب؟

فقال له برير: أشهد أن هذا رأيي و قولي.

فقال له يزيد بن معقل: فاني أشهد أنك من الضالين.) [1] .

كان يزيد بن معقل يتوقع أن يري أمامه امرءا متخاذلا لا يستطيع الرد عليه، و كنا يتوقع أن يري أصحابه موقفا طريفا لهذا الرجل الخائف و أن يجعل الجيش كله يضحك منه، غير أنه فوجي ء برجل قوي ثابت يعرف ما يقول جيدا و يحسن الرد علي تحرضاته، و ان هذا الرجل يذهب الي حد طلب مبارزته هو.

و هنا وجد نفسه في موقف دقيق، فماذا سيكون أمره و كيف سيبدو أما أولئك الذين أرادهم أن يضحكوا علي برير، لو امتنع عن الاستجابة لطلبه في المبارزة.

(قال له برير بن خضير: هل لك، فلأباهلك، و لندع الله أن يلعن الكاذب و أن يقتل المبطل، ثم أخرج فلا بارزك) [2] ، و قد استجاب مرغما لدعوة برير.

(فخرجا، فرفعا أيديهما الي الله يدعوانه أن يلعن الكاذب، و أن يقتل المحق المبطل، كل واحد منهما لصاحبه، فاختلفا ضربتين، فضرب يزيد بن معقل برير بن خضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا، و ضربه برير بن خضير ضربة قدت المغفر و بلغت الدماغ، فمر كأنما هوي من حالق) [3] و مات غير مأسوف عليه و مات أمانيه و أحلامه المريضة.

و كان أحري بميتته التي جاءت أثر مباهلة برير اياه، أن تكون رادعا للآخرين لكي يمتنعوا عن الاقدام علي ما أقدم عليه من تجاوز و اعتداء علي سيد القراء برير بن خضير، غير أن الغشاوة كانت كثيفة علي العين و القلب كليهما، و كانت الجموع المنقادة لارادة ابن زياد تتصرف دون وعي أو تدبر و كأنها فقدت ارادتها و وعيها و عقلها.



پاورقي

[1] الطبري 322 / 3.

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق.