بازگشت

مرة بن منقذ العبدي، القاتل المتباهي


و تتكر مشاهد عديدة لقتلة أرادوا أن يتباهوا بجرائمهم أمام الآخرين و أمام أسيادهم علي وجه الخصوص، و ربما تشابهت حتي أقوالهم التي تفوهوا بها قبيل الاقدام علي جرائمهم.

فهذا مرة بن منقذ العبدي، و هو يري عليا الأكبر يجول في ميدان المعركة يبدي استعداده للتطوع لقتله أو اغتياله و يصرح متباهيا: (علي آثام العرب ان مر بي يفعل مثل ما كان يفعل ان لم أثكله أباه) [1] .

لقد أزعجه أن يشد علي بن الحسين علي الناس و هو يقول:




(أناعلي بن الحسين بن علي

نحن و رب البيت أولي بالنبي



تالله لا يحكم فينا ابن الدعي) [2] ..

و ربما رأي أن في ذلك اهانة شخصية له.. ألم يرسله ابن زياد ليقاوم الحسين و أصحابه و يشارك في قتلهم؟ فكيف يتيح لهذا الفتي أن يشد عليهم و أن يقتل بعضا منهم، دون أن يتصدي له أحد؟



و كأن اثمة كان قليلا ليضيف اليه آثام العرب.. و هو يتبجح بقسمه ذاك.. مع أن اثمه وحده لو قسم علي العرب كلهم لكانوا جميعهم آثمين.

ان مرة و أشباهه في غمرة النشوة الي يشعرون بها و هم يقومون بهذه المجزرة المروعة، و أمام لون الدم القاني، و أمام هروبهم من واقعهم و في غمرة استسلامهم و خضوعهم، أرادوا اقناع أنفسهم بأنهم كانوا يقومون بفعلهم، لأنهم يشعرون أنهم أصحاب حق طالما كانوا الي جانب السلطان القوي المتسلح ذي الأعوان و المال.

و لعل ما تظاهروا به من قوة و ما تفوهوا به من الفاظ نابية و كلمات فاحشة هي محاولات لاقناع أنفسهم بأنهم يتبنون قضية ما، و تشجيع أنفسهم للمضي في جريمتهم الي النهاية و عدم التراجع لئلا يصيبهم السيف الذي يصوب لهؤلاء الماثلين أمامهم.

و قد كان بامكانهم في البداية و في تلك اللحظات أيضا أن يكونوا معهم لينقلب السحر علي الساحر و يظهر الحق الذي عينين، غير أن تلك النفوس كافة قد ماتت و تخدرت و أصيبت بالشلل فلم تعد ترجي منها فائدة.

قتل مرة بن منفذ علي بن الحسين، مع أن أحدا لم يأمره بذلك.

و لعله فعل ذلك بنفس الدوافع التي قام بها الآخرون بأعمالهم المخزية.


پاورقي

[1] الطبري 331 - 330 / 3 و مثير الاحزان 35 و الأخبار الطوال ص 254 و اللهوف ص 48 و ابن الأثير 3 / و مقاتل الطالبين ص 84 و الخوارزمي 30 / 2 و مناقب ابن شهر آشوب 109 / 4.

[2] المصدر السابق.