بازگشت

ابن حوزة النكره، هدد بالنار فاحترق بها


و لابن حوزه مشهد آخر جديد بالتأمل و النظر، فهو رجل من تميم، من عرض الناس و من سائرهم، أثاره منظر النار المضطرمة في كومة من الحطب خلف معسكر الامام عليه السلام جاء حتي وقف أمامه و سأل عنه عدة مرات.. و عندما دل عليه، خاطبه بقوله: (أبشر بالنار، قال: كلا، كذبت، بل أقدم علي رب غفور و شفيع مطاع، فمن أنت؟ قال: ابن حوزه، فرفع الحسين يديه، حتي رأينا بياض ابطيه من فوق الثياب، ثم قال: اللهم حزه الي النار) [1] .

لقد تحيز ابن حوزه بكل قوة الشر الكامنة في نفسه الي ابن زياد، و حسب أنه انما يسجل لذلك موقفا ظريفا متميزا أمام أفراد الجيش كله، و لعله بذلك سيرفع معنوياتهم و يحرضهم علي الحسين عليه السلام أو يجلعهم علي الأقل يتفكهون و ينتدرون


مرددين كلماته التي وجهها للحسين عليه السلام و التي أوعده فيها بالنار عندما رأي نارا مشتلعة في كومة من الحطب خلف معسكره، و لعله حسب أن ما كان يقوم به سيصل خبره الي ابن زياد و أنه سيكبر و يزداد رفعة بنظره، و لعله هنأ نفسه مستبقا علي المكانة الوجيهة التي أعدت له منذ الآن، غير أن الأمر لم يطل به كثيرا، فما كاد الامام عليه السلام ينتهي من دعائه حتي قام ابن حوزة غضبا (فذهب ليقحم اليه الفرس، و بينه و بين نهر، فعلقت قدمه بالركاب، و جالت به الفرس فسقط عنها، فانقطعت قدمه و ساقه و فخذه، و بقي جانبه الآخر متعلقا بالركاب..) [2] .

و قد نال جزاءه العاجل أما الجزاء الآخر فعلمه عند الله.

لقد كان احري بمن شاهدوا ابن حوزة أن يتراجعوا و لا يمضوا في حربهم ضد الامام عليه السلام كما فعل أحدهم، مسروق بن وائل الذي (رجع و ترك الخيل من ورائه، فقال:

لقد رأيت من أهل هذا البيت شيئا لا أقاتلهم أبدا) [3] .

لكن تلك النفوس الذليلة قد ضاعت للأبد و استعبدت و ما عادت تنقع معها حتي معجزات من السماء يرونها عيانا و يلمسونها لمسا.


پاورقي

[1] الطبري 322 / 3 و ابن الأثير 289 / 3 و أنساب البلاذري 191 / 3 و مناقب ابن شهر آشوب 56 / 4 و ذخائر العقبي للطبري 144 و کفاية الطالب للکنجي 287...

[2] المصدر السابق.

[3] المصدر السابق.