بازگشت

جئنا لنسلم عليك...


و ندعو لك لا لننصرك علينا ديون و لنا عيال

يروي عن الضحاك بن عبدالله المشرفي قوله: (قدمت و مالك بن النضر الأرجي علي الحسين، فسلمنا عليه، ثم جلسنا اليه، فرد علينا و رحب بنا، و سألنا عما جئنا له، فقلنا: جئنا لنسلم عليك، و ندعو الله لك بالعافية، و نحدث بك عهدا، و نخبرك خبر الناس، و انا نحدثك أنهم قد جمعوا علي حربك، فر رأيك، فقال الحسين عليه السلام حسبي الله و نعم الوكيل، فتذممنا و سلمنا عليه، و دعونا الله له.

قال: فما يمنعكما من نصرتي؟

فقال مالك بن النضر: علي دين ولي عيال،

فقلت: ان علي دينا، و ان لي عيالا، و لكنك أن جعلتي في حل من الانصراف، اذا لم أجد مقاتلا قاتلت عنك ما كان لك نافعا و عنك دافعا) [1] .

فهذان شخصان كان ظاهرها يشير الي أنهما يحبان الامام الحسين عليه السلام و يميلان اليه، و لم يستطيعا أن يرتفعا بحبهما له اي درجة الدفاع عنه و عن قضيته حتي الموت كما فعل بقية أصحابه، و قد حاولا تحذيره مما يعد له، و مما بدا أنه كان مستعدا له.

و قد تفاوتا بدرجة الفعل الذي سيقدمانه، فبينما اكتفي أحدهما بالدعاء له، و هو أمر علي مستوي القول و حسب، اشترط الثاني أن يقاتل اذا كان القتال (مفيدا) أو نافعا علي حد تعبيره، أما اذا وصل الأمر و كان دفاعه لا يستطيع رد أعداء الأمام عنه فانه طلب من الامام السماح له بالانصراف في هذه الحالة، و هو ما فعله بعد ذلك حسبما روي لنا.

فالاحتجاج بالدين و العيال ليس أمرا جديدا اكتشفه هذان الشخصان، بل هو أمر يلجأ اليه كل من يريد التهرب من مسؤولياته العامة، حيث يري أن غيره يكفونه تلك المسؤوليات أما أمر ديونه و عياله فهو أمر خاص به لا يستطيع أحد قضاءه عنه، و الا فهل ألقيت تلك المسؤوليات العامة لتقويم الانحراف علي الحسين أصحابه عليهم السلام و ألغيت عن باقي أفراد الأمة؟ و هل لم يكن لهؤلاء أطفال و عوائل يتحملون مسؤولياتهم..؟ و هل جل الله مسؤولية التغيير و التقويم علي أولئك الذين ليس لهم عوائل و ليست عليهم ديون؟


ان من يتقاعس أو يتردد أو يجبن غالبا ما يلجأ الي مثل هذه الأعذار، و الا فما عساه أن يقول غير ما قاله هذان الشخصان، و غير ما قاله أهل الكوفة لبعضهم: (انصرف الناس يكفونك)، و قد انصرف الجميع بالتالي اذ لم يملكوا ارادة التغيير أو الثورة.


پاورقي

[1] نفس المصدر السابق 315 / 3.