بازگشت

مبادرات، أم محاولات للفت الأنظار


ان هذه الشخصيات التي تطوعت للقيام بأدوار استثنائية بمبادرات شخصية دون أن تتلقي أوامر من أحد، تمثل ذلك التملق الممجوج المرفوض دائما، و تمثل أولئك المتمسحين باعتاب الدولة دائما مهما كان اتجاهها و تمثل كل طبقات و أشكال الانتهازيين و المنافقين الذين قد ينقلبون في أية لحظة علي أسيادهم و أولياء أمورهم و اذا رأوا أن الريح لا تهب لصالحهم.

ان أمثال هؤلاء يبررون أعمالهم بالحرص علي الدولة و طاعة (الامام) و الوفاء بالبيعة و الالتزام بالأوامر و تنفيدها مع أن أوامر محددة تفصيلية لم تصدر اليهم هم علي وجه الخصوص و لم يطلب أحد منهم القيام بما قاموا به.

لقد عبر أحدهم عن موقفه و هو مالك بن النسير البدي عندما جاء بكتاب ابن زياد و أوامره الي الحرب أن يجتمع بالحسين و أصحابه عليهم السلام و أمره أن لا يفارقة حتي ينفذ رأيه و أمره عندما عاتبه أبو الشعثاء الكندي و قرعه علي فعلته بالوقوف الي جانب الظلمة - قائلا له، (ثكلتك أمك، ماذا جئت فيه!؟

قال: و ما جئت فيه، أطعت أمامي و وفيت بيعتي.

فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك، و أطعت أمامك في هلاك نفسك، كسبت العار و النار، قال الله عزوجل: (و جعلناهم ائمة يدعون الي النار و يوم القيمة لا ينصرون) [1] فهو أمامك) [2] .

و الجدير بالذكر أن أغلب هؤلاء ماتوا أو قتلوا بعد أن ابتلوا بأمراض و حوادث أثر تصرفاتهم تلك أو بعد سنوات قليلة علي يد المختار الثقفي و جماعته.


پاورقي

[1] سورة القصص، آية 32.

[2] الطبري 309 / 3 و راجع بقية المصادر الأخري المذکورة في هذه الدراسة.