بازگشت

مجتمع الكوفة، انحني أمام العاصفة فظل محني الظهر


لقد انحني مجتمع الكوفة مرة أخي أمام العاصفة و انهار أمام ضربات ابن زياد و تهديداته، و قد كان علي استعداد لذلك الانهيار الذي بدا أمام الدارس العادي و كأنه نتيجة سعي شخصي من ابن زياد و لم يكن نتاج سعي دؤوب من قبل أجهزة الحكم الأموي كلها طيلة عقدين من الزمن، و لم يكن ابن زياد سوي مستثمر واع لجهود الدولة السابقة لتدمير مجتمع العراق، و لم تكن ضربته ضربة حظ سعيدة موفقة بقدر ما كانت استمرارا للضربات السابقة التي كان مجتمع الكوفة لا يزال يعاني منها عند قدومه اليها.

كاننت نسبة الدمار عالية في بعض النفوس التي حسبت أن فرعون الأموي سيظل ربا من دون الله الي الأبد، و قد انسحقت و تضاءلت الي درجة حسبت معها أنه موجود في كل مكان يراقب تصرفات و أعمال خدمه و رعيته و عبيده، فلم تكتف بتنفيذ أوامره و توجيهاته بل اندفعت بمبادرات شخصية الي القيام بأعمال مستهجنة حتي ربما من قبل أفراد الجيش المستنفر لقتال الحسين عليه السلام و بعض قادته، و قد حسبت أنها تتقرب بتلك الأعمال الي فرعون مع أنها تعلم أنها في مقام ذليل لا يتيح لها الوصول الي اعتابه.

ان بعض تلك الشخصيات و ان بدت هزيلة أو تافهة، فقد لفتت تصرفاتها انظارنا، و لعل نماذج مشابهة تتكرر في كل عصر و تبرز أمامنا الآن في ظل أنظمة الظلم تجعلنا نتساءل عن مصدر الدوافع التي تجعلها تتصرف بهذه الطريقة.


ان هذه الشخصيات الهامشية التي ليس لها دور يذكر في التأثير علي مسار الأحداث تلفت أنظارها بل و تثيرنا بتفاهتها و سخافة مواقفها و خططها، و حرصها علي تقديم الخدمات التطوغية المجانية بمناسبة أو دون مناسبه و استعدادها للقيام بأحط الأدوار التهافة الذليلة. دور الجاسوس، و دور المهرج، و دور الداعية لسيادة الدولة و فرعونها، و دور الشخص الظريف أو المتظرف الذي يسعي للتنكيل بأعداء الدولة لمجرد أنهم أعداؤها، و دور الحريص عليها و المتفاني لها و الموالي في خدمتها.