بازگشت

الانسحاب الأمر الغريب الذي أثار دهشة ابن زياد


لقد كان تخاذل أهل الكوفة بعد أن أحاطوا بالقصر و ملأوا المسجد و السوق، و تراجعهم و انسحابهم بتلك السرعة الكبيرة، أمرا غريبا أذهل ابن زياد و أثار تعجبه و استغرابه، كما أنه لا يزال يثير استغراب العديدين منا حتي الآن، مع أن له مبرراته التي أوضحنا قسما منها في هذه الدراسة. صحيح أن ابن زياد بذل جهودا كبيرة لتخذيل الثورا و استنفر كل أعوانه و أصحابه لهذا الغرض، الا أنه لم يحسب أن جهوده ستكلل بذلك النجاح المنقطع النظير.

و قد قال لأصحابه عندما طال عليه الأمر و أصبح لا يسمع لأصحاب مسلم صوتا كما كان يسمعه قبل ذلك: (اشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحدا، فأشرفوا فلم يروا أحدا. قال: فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كنوا لكم، ففرعوا بحابح المسجد،


و جعلوا يخفضون شعل النار في أيديهم، ثم ينظرون: هل في الضلال أحد؟ و كانت أحيانا تضي ء لهم و أحيانا لا تضي ء له كما يريدون، فدلوا القناديل و انصاف الطنان تشد بالحبال، ثم تجعل فيها النيران، ثم تدلي، حتي لا تنتهي الي الأرض، ففعلوا ذلك في أقصي الظلال و أدناها و أسطها حتي فعلوا ذلك بالظلة التي فيها المنبر، فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد ففتح باب السده التي في المسجد، ثم خرج فصعد المنبر، و خرج أصحابه معه فأمرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة [1] .


پاورقي

[1] المصدر السابق.