بازگشت

ابن زياد طوعت الكوفة له فاستخف بها


لقد بلغ استخفاف ابن زياد بأهل الكوفة أنه أمر بقتل هاني ء أمامهم و في سوق تباع فيه الأغنام نكاية بهم و احتقارا لهم (فأخرج بهاني ء حتي انتهي الي مكان من السوق كان يباع فيه الغنم، و هو مكتوف، فجعل يقول: وا مذحجاه، و لا مذحج لي اليوم، وا مذحجاه و اين مني مذحج، فلما رأي لا أحدا ينصره جذب يده، فنزعها من الكتاب ثم قال: أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يجاحش به رجل عن نفسه.

فضربه مولي لعبيدالله بن زياد ضربه، ثم ضربة أخري فقتله) [1] .

و قد فعل بعد الأعلي الكلبي ما فعل بهاني ء و أمر بضرب عنقه في جبانة السبيع، كما (اخرج عمارة بن صلخب الأزدي - و كان ممن يريد أن يأتي مسلم بن


عقيل بالنصرة لينصره -فأتي به أيضا عبيدالله فقال له: ممن أنت؟ فقال: من الأزد. قال: انطلقوا به الي قومه؛ فضربت عنقه فيهم) [2] .

و كان هذا الاسلوب التهديدي الذي اتبعه ابن زياد بقتل أعداء الدولة بين قومهم و أهليهم، أسلوبا قمعيا ناجحا، و هو أسلوب هجومي أراد أن يدلل به علي قوة الدولة و اقتدارها، فهو لا يكتفي برد عدوه و انما يتبعه الي عقر داره فيقتله هناك.

و لعل قصد ابن زياد لم يكن يخفي علي الناس الذين أدركوا ضعفهم و الذين استدرجوا لهذا الاستسلام المهين، فكان فعل ابن زياد هذا ربما ردما لآخر حصونهم، ربما كان هذا ما فكر فيه هو، و الا فعلام هذا الاجراء.

و بعيد مذبحة الطف و تبجح ابن زياد أمام أهل الكوفة في المسجد الأعظم و شتمه أميرالمؤمنين و الامام الحسين عليه السلام، احتج عبدالله بن عفيف الأزدي و كانت عيناه قد ذهبتا في (الجمل) و (صفين) و قال مخاطبا أبن زياد (ان الكذاب ابن الكذاب أنت و أبوك، و الذي ولاك و أبوه، يابن مرجانه أتقتلون أبناء النبيين، و تكلمون بكلام الصديقين؟

فقال ابن زياد: علي به، فوثبت عليه الجلاوزة فأخذوه.

فنادي بشعار الأزد: يا مبرور، و عبدالرحمن بن محنف الأزدي جالس، فقال: ويح غيرك، أهلكت نفسك، و أهلكت قومك، و حاضر الكوفة يومئذ من الأزد سبعمائة مقاتل؛ فوثب اليه فتية من الأزد فانتزعوه فأتوا به أهله، فأرسل اليه من أتاه به فقتله و أمر بصلبه في المسجنة فصلب هنا لك) [3] .

فهل نصر فتية الأزد ابن عفيف لأنه نادي بشعارهم، و تركوه يؤخذ من بينهم بعد ذلك لأنهم أدركوا أنهم كانوا يواجهون قوة مدمرة لا تتورع عن استباحة أي شي ء في سبيل تنفيذ أغراضها و القضاء علي أعدائها؟.

أم لأن نشوة الحمية الطارئة قد طارت من رؤوسهم و هم يواجهون واقع الارهاب و الظلم و العنف الذي عاش عهده الزاهر في ظل زياد و ابنه عبيدالله؟.



پاورقي

[1] الطبري، 229 - 227 / 3 و راجع المصادر السابقة الأخري.

[2] نفس المصدر السابق 338 - 293 / 3 و راجع المصادر السابقة المذکورة في هذه الدراسة.

[3] المصدر السابق.