بازگشت

البيان الأول، تهديد و وعيد


و كان بيانه الأول الذي القاه فيهم، قد دق علي وترين حساسين في نفوسهم.

1- وتر العطاء و الرشوة؛ فقد قال لهم: (فان أميرالمؤمنين [يزيد] أمرني بانصاف مظلومكم و اعطاء محرومكم و بالاحسان الي سامعكم و مطيعكم، فأنا لمحسنكم و مطيعكم كالوالد البر) [1] .

2- و تر التخويف و الترهيب،[و أمرني] بالشدة علي مريبكم و عاصيكم.

و سوطي و سيفي علي من ترك أمري و خالف عهدي، فليبق امرؤ علي نفسه، الصدق ينبي ء عنك لا الوعيد) [2] .

و قد ساعد ابن زياد في مهمته وجود فئة (موظفة) لدي الدولة، تتلقي ارزاقها و معاشاتها منها مباشرة و تدين لها بالولاء المطلق كما أنها علي استعداد لتنفيذ كل أوامرها و توجيهاتها مهما كانت متعسفة و ظالمة.

ان طبيعة هذه (الفئة) المستحدثة هو الخوف الشديد من السلطان (ولي أمرها) اذ أنها تري فيه مصدر رزقها و حياتها و وجودها كله، و بقدر ذلك الخوف نجد تجبرا و شده علي سائر الناس ظالما كان ذلك يرضي السلطان، و لعلها تعوض بشدتها عن


مركب النقص الناتج من خوفها، فهي آلة طيعة لا تناقش الأوامر، كما أنها لا تتدخل بالسياسة العامة للدولة، ان حدودها معروفة و هي تعلم أنه لم يسمح لها بتخطيها أو تجاوزها، انها ليس أكثر من عصا لا روح فيها و لا حياة.

و كان من أفراد تلك الفئة المملوكة للدولة الشرطة و العرفاء، و قد أدرك ابن زياد انها أول من سيستجيب لأوامره و ينفذها دون نقاش بل لعلها ستندفع لتنفيذ تلك الأوامر بحماس منقطع النظير.

و من هنا كانت بداية عمله لاخضاع أهل الكوفة، (فأخذ العرفاء و الناس أخذا شديدا، فقال: اكتبوا الي الغرباء، و من فيكم من طلبة أميرالمؤمنين، و من فيكم من الحرورية و أهل الريب الذين رأيهم الخلاف و الشقاق، فمن كتبهم لنا فبري ء.

و من لم يكتب لنا أحدا، فيضمن لنا ما في عرافته ألا يخالفنا منهم مخالف، و لا يبغي علنيا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمة، و حلال لنا ماله و سفك دمه، و أيما عريف وجد في عرافته من بغية أميرالمؤمنين أحد لم يرفعه الينا صلب علي باب داره، و القيت تلك العرافة من العطاء، و سير الي موضع بعمان الزاره) [3] .

كان لابد أن يعمل أولئك العرفاء علي ارضاء سيدهم و ولي نعمتهم بهمة عالية و يبذلوا جهودا استثنائية لتطبيق تعليماته بأسرع وقت، و أن يستنفروا كل أعوانهم لاداء المهام العاجلة التي عهد بها اليهم.


پاورقي

[1] نفس المصدر السابق 281 / 3 و راجع المصادر الأخري المذکورة في هذه الدراسة.

[2] المصدر السابق.

[3] نفس المصدر 281 / 3.