بازگشت

ما أدركه سليمان بن صرد لم يفت الحسين ادراكه


و ما أدركه سليمان بن صرد و غيره من الناصحين و المشفقين من سير الحسين عليه السلام الي الكوفة لا يمكن أن يفوته هو عليه السلام و قد طلب منهم قبل قدومه عليهم الثبات علي موقفهم و عدم الحيدة عنه، و جعل ذلك شرطا للقدوم لأنه كان من أعلم الناس بهم، و قد أمضي فترة مهمه من حياته معهم في ظل أبيه أمير


المؤمنين عليه السلام و عاصر أشد الأحداث التي مروا بها و هي أحداث كبيرة عاصفة، و لم تكن معاناة أبيه عليه السلام و أخيه عليه السلام من بعده لتخفي عليه بأي حال من الأحوال، فكيف يخدع و يغر من يعرف طبيعة القوم الذين سيقودهم؟ و كيف لا يستجيب لم و قد أعلنوا أمام الأمة كلها عزمهم علي النهوض بوجه دولة الظلم بقيادته؟

و لنا أن نتصور معاناته الكبيرة و هو يعلم أنه يقدم علي قوم لا يملكون قوة و لا ثباتا و هم يواجهون دولة الظلم القوية المستطيلة المتجبرة كان الموت المقحق هو النتيجة الطبيعية لذلك الموقف و مع أنه أخبر بذلك، الا أنه لم يستطع الا أن يمضي في طريق الكوفة فقتله هو الكفيل بانقاذ الأمة و جعلها تنتبه باستمرار الي مخططات أعدائها و تتصدي لافشال تلك المخططات و ان كان ثمن ذلك دم العديد من أبنائها، الذين سيرون أن ما يقدمونه ليس بأثمن مما قدمه امام الأمة من قبل.

و مع ذلك فقد كان يطمح أن يكون خطابه لهم و وصاياه بالثبات و عدم التردد و الاقدام علي مواجهة الظلم خطابا للأمة كلها فيما بعد. فأهل الكوفة ليسوا وحدهم معنيين بذلك، بل ان المسؤولية تقع علي الجميع دون اعتبار لفواصل الزمان و المكان، و من شأن خطاب كهذا أن يشعرهم بمسؤوليتهم حتي بعد استشهاد الحسين عليه السلام و حتي بعد مرور مئات السنين.

و قد كتب اليهم: (فهمت كل الذي اقتصصتم و ذكرتم، و مقالة جلكم: انه ليس علينا أمام، فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك علي الهدي و الحق.

و قد بعث اليكم أخي و ابن عمي و ثقتي من أهل بيتي، و أمرته أن يكتب الي بحالكم و أمركم و رأيكم، فان كتب الي انه قد أجمع رأي ملئكم و ذوي الفضل و الحجي منكم علي مثل ما قدمت علي به رسلكم، و قرأت في كتبكم أقدم عليكم و شيكا، فلعمري ما الامام الا العامل بالكتاب و الآخذ بالقسط، و الدائن بالحق، و الحابس نفسه علي ذات الله) [1] .


پاورقي

[1] الطبري 278 و تراجع المصادر السابقة في هذه الدراسة.