بازگشت

الكوفة ينبغي أن تظل مستهدفة


بظلم فرعون، حتي بعد غياب فرعون

ان توقعه بقاء حلقة الكوفة صامدة بوجه خليفته يزيد، جعله يكتب عهدا قبيل وفاته لابن زياد علي الكوفة اضافة لولايته علي البصرة، لأنه توسم فيه قسوة و غلظة كتلك التي تميز بها أبوه زياد من قبل، و لأنه قد ربي و نشأ علي كره آل البيت عليهم السلام و كل من يواليهم أو يسير علي خطهم، و قد أودع عهده ذاك سرجون الرومي خادمه


و مستشاره و طلب منه ابرازه ليزيد كوصية واجبة التنفيذ عندما يري أول بادرة من بوادر (الخروج و التمرد) عليه من قبل العراقيين، الذين رأي انهم لا يزالون علي نفس ذلك الولاء القديم لأمير المؤمنين و اله عليهم السلام

[1] ، مع أنه قام بحملات دؤوبة لتطويعهم و كسر شوكتهم و تشتيت شملهم و اضعافهم و ابعادهم عن الخط الرسالي لآل البيت عليهم السلام.

لقد رأي أنهم قد ينتفضون تحت وطأة الشعور بالندم من مواقفهم السابقة أو الشعور بعمق الانحراف الذي جروا اليه مع أبناء الآخرين.. و بدافع الوعي و الادراك اللذين امتازوا بهما عن أهل الشام خاصة، و قد يعمدون الي الطلب من الامام الحسين عليه السلام القدوم اليهم و قيادتهم ضد الدولة الأموية بقيادة يزيد بعد موته، كما فعلوا خلال حياته عندما طلبوا منه ذلك، و كما تحدثنا عنه في حينه.

و ربما رأي أن امتناع الامام الحسين عليه السلام من الاستجابة لهم ما دام هو حيا قد تزول مبرراته بعد موته، فيستجيب لهم، و يذهب الي العراق لاعلان الثورة علي الدولة الأموية عندما ستكون تحت ظل يزيد، و ربما سيكون لتلك الثورة مبرراتها المقبولة لدي جماهير المسلمين، عندما تجد يزيدا المكشوف المجاهر بالفسق و الفجور و الانحراف قائدا لها و خليفة لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يحتل منبره و موقفه... و عند ذاك قد يستطيع الحسين عليه السلام استقطاب جماهير الأمة حوله و الحصول علي دعمها و مشاركتها للاطاحة بالنظام الأموي رغم كل بطشه و وسائله غير المشروعة للسيطرة عليها.


و قد استمرت السياسة الاموية مع أهل العراق - طيلة فترة الحكام الأموي - علي نفس النمط الذي كانت عليه في عهد معاوية، فالكوفة كانت ترمي دائما بأشد الولاة و العمال و أقساهم مثل زياد و ابنه و الحجاج و غيرهم.


پاورقي

[1] (دعا يزيد بن معاوية سرجون مولي معاوية فقال: ما رأيک؟ فان حسينا قد توجه نحو الکوفة، و مسلم بن عقيل بالکوفة يبايع للحسين.. فما تري من استعمل علي الکوفة؟ و کان يزيد عاتبا علي عبيدالله بن زياد. فقال سرجون: أرأيت معاوية لو نشر لک؟ أکنت آخذا برأيه؟ قال: نعم، فأخرج عهد عبيدالله علي الکوفة. فقال: هذا رأي معاوية، و مات و قد أمر بهذا الکتاب، فأخذ برأيه و ضم المصرين الي عبيدالله، و بعث اليه بعهده علي الکوفة)، الطبري 275 - 280 / 3 و ابن الاثير 387 / 3.

و کان معاوية قد أوصي يزيدا أن يرمي أهل المدينة بمسلم بن عقبة المري اذا ما خرجوا عليه، و کان يحتمل ذلک أيضا لعلمه أن ابناءها لن يسکتوا عن ممارسات يزيد و أفعاله المفضوحة (.. ان معاوية لما حضرته الوفاة دعا يزيد فقال له: ان لک من أهل المدينة يوما، فان فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة، فانه رجل قد عرفت نصيحته) الطبري 359 / 3 و قد فعل يزيد ذلک و ولي مسلما، و کان ما کان من أمر فعلته مع أهل المدينة في واقعة الحرة.