بازگشت

هدف معاوية، زعيم دولة الظلم: توسيع طبقة الهمج الرعاع


و لم تكن الظروف الصعبة التي عاشها أميرالمؤمنين عليه السلام في الكوفة ملائمة بشكل تام لتشكيل هذه الفئة الواسعة التي أرادها أن تكون طليعة اسلامية تقتدي به و تفتح عيونها و بصائرها علي الرؤي و الأطروحات الاسلامية الصحيحة بعد تنقيتها من الشوائب التي علقت بها بفعل الفترة المزدحمة بالأحداث و الصراعات السياسة و الشخصية علي الحكم و المناصب و المكاسب المختلفة، و تكون نموذجا للأجيال الاسلامية اللاحقة. فئة يربيها و يعدها هو بنفسه لتكون لها أصالة تلك التي رباها و أعدها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من قبل.

لقد رأينا كيف تصدي له مدة حكمة الفعلي أولئك الذين رأوا أن من مصلحتهم أن يقفوا في طريقه و استماتوا في سبيل منعه من تطبيق مشروعاته الرسالية الشاملة القائمة علي نفس الأسس الاولي التي أقامها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. و التي كان تطبيقها سيتيح له منع الانحراف و الخدر و الشلل الذي لحق بجسم الأمة، و يمكنه من تلافي الأوضاع المأساوية التي جرت اليها و يراد جرها الي المزيد منها، فشنوا عليه حروبهم المدمرة التي لا زالت تعاني منها الي اليوم.

و من الطبيعي أن عمل أميرالمؤمنين عليه السلام كما كان عمل الرسول صلي الله عليه وآله وسلم من قبل، ما كان يستهدف الأمة الاسلامية القائمة في زمانه و حسب، و انما كان يستهدف الامة علي امتداد الأزمان، ما دام أبناؤها يعيشون علي هذه الأرض و يتعاملون مع الاسلام كدين وحيد و أمل وحيد و هدف وحيد يجنبهم كل المزالق و التناقضات التي تنشأ نتيجة التعاملات البشرية البحتة المنفصلة عن قيم السماء، و هي قيم الاسلام بكل تأكيد.

ان تحقيق هذا الهدف، و هو تحويل الأغلبية من أبناء الأمة الي عناصر واعية مفكرة متدبرة تتصرف بوحي من علم و ادراك و مسؤولية، كان سيقطع الطريق أمام أي فرعون محتمل قد يسعي للتسلط علي هذه الأمة و القفز علي أكتاف أبنائها و نهب كل المكاسب التي حققتها في ظل الاسلام، و كان سيمنعه من بسط سلطانه المطلق عليها و الذي سيكرسه للتمهيد لجلوس خلفائه و أبنائه علي العرش و الاستئثار به الي الأبد.

و اذا أنه قد أتيح لهذا الفرعون - بفعل الحدث المأساوي الكبير الذي فقدت فيه الأمة قائدها الحقيقي و أملها القائم لتحقيق الرسالة الاسلامية و تطبيق الحكم الاسلامي


الصحيح - أن يسيطر علي الأمة فعلا و يقودها لتحقيق كل ما لم يتمكن من تحقيقه من قبل، و رأي أن هذه الأمد قد استسلمت بعد فترة المتاعب و الاضطرابات و الفتن السابقة التي كان هو أحد مسببيها الرئيسيين، فانه رأي الفرصة قد أصبحت سانحة أمامه لجرها الي المزيد من التنازلات و الانحرافات، و قد قبلت في النهاية، بفعل الحملة المنظمة الدؤوبة التي قادها و رصد لها كل امكانات الدولة و أموالها، أن تقع في الشرك الذي أعده لها و تدخل فيه طواعية، و أن تقبل يزيد خليفة و اماما، و أن تعد نفسها لتقبل كل ممارساته الخارجة عن الاسلام جملة و تفصيلا.