بازگشت

هوي فرعون أولا


لقد كان يضع أمامه فرعونه و هواه، يزيد، و يفخر بذلك، و يري أن مهمته الأساسية في هذه الحياة السمع و الطاعة و سد العيون و الآذان و الأفواه، و لا غير.

و لم يأنف من تقريع مسلم له بعد ذلك و سكت عنه، و لعله عده مما يمكن أن يضاف لرصيده أمام سادته، فهو قد تحلم في سبيلهم، و هكذا سيكسب رضاهم و عطفهم، و هكذا ابتلغ كلمات مسلم المقرعة المنددة.

لقد أجل موقفه الاشراف الآخرين الذين كانوا علي باب القصر ينتظرون الاذن و حاولوا تدارك موقف الباهلي و أمروا غلمانهم ليسقوا مسلما الماء، الذي لم يتح له أن يشربه، و قتل عطشانا كما قتل أمامه و قائده الحسين عليه السلام بعد ذلك عطشانا.

و لا حاجة لنا بذكر مواقف (الشريفين) عمر بن سعد و شمر بن ذي الجوشن، فقد تطرقنا الي الحديث عن بعض ملامح شخصيتها و سلوكهما عند الحديث المختصر عنهما.


لم تستمل السلة الأموية الناس عن طريق المبادي ء التي جاء بها الاسلام و دفعها، و لم تكن قضية ابن زياد عند أهل الكوفة قضية خلاف عقائدي مع الحسين عليه السلام فقد كانوا يعرفون أبعاد الصراع معرفة تامة، و يعرفون أن دوافعه هي اسناد العرش الأموي المتسلط علي رقاب الناس بشتي الاساليب و السبل غير المشروعية.

و كانت بيوت الأموال الموضوعة تحت تصرف ابن زياد في الكوفة أحد الاسباب التي ساعتدته في مهمته لا ستقطاب الاشراف و رشوتهم... كانت الكوفة كغيرها من الولايات التابعة للعرش الاموي (بلدا فيه عماله و امراؤه، و معهم بيوت الأموال، و انما الناس عبيد لهذا الدرهم و الدينار) [1] ، و كان لابد أن يكون للاشراف حصة الاسد من هذه الأموال، ما داموا في مركز القيادة و التأثير، و كان لابد أن ينحازوا لمن يمنحهم تلك الأموال و يفرقها عليهم.

و هكذا قال مجمع بن عبدالله العائذي للحسين عليه السلام عندما سأله عن خبر الناس في الكوفة: (أما أشرف الناس فقد اعظمت رشوتهم و ملئت غرائرهم، يستمال و دهم و يستخلص به نصيحتهم، فهم الب واحد عليك) [2] .

انهم يسعون لتثبيت الاوضاع ما دامت لصالحهم، و ما داموا باقين في مركز الصدارة و الوجاهة والشرف، و اذ ما أضيف لكل تلك الأموال و الأمتيازات التي تشبع حاجاتهم و غرائزهم، جعل أولئك الأشراف من قضية السلطان، مهما كان تصرفه قضيتهم الخاصة، يدافعون عنها بكافة السبل المتاحة.


پاورقي

[1] الطبري 294 / 3 و ابن الاثير 339 / 3 من قول لأحد الذين نصحوا الحسين عليه‏ السلام بعدم المسير الي الکوفة.

[2] الطبري 308 / 3.